السوداني: حزمة مشاريع فك الاختناقات المرورية ستسهم في التقليل من هدر وقت المواطنين AlmustakbalPaper.net وزير الداخلية يناقش تطوير العمل في مواقع تسجيل المركبات AlmustakbalPaper.net مجلس النواب يصوت على توصيات لجنته بشأن فيضانات دهوك وتعديل قانون العقوبات AlmustakbalPaper.net طلب برلماني الى السوداني بمنح عيدية 100 ألف دينار للمتقاعدين AlmustakbalPaper.net صندوق استرداد أموال العراق يعيد قرابة (7) مليارات دينار لوزارة المالية AlmustakbalPaper.net
ما حاجتك للخيال ايها الإنسان
ما حاجتك للخيال ايها الإنسان
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
عبدالرحمن بسيسو

يزعمُ فلاسفة ومفكرون ونُقاد إبداعٍ أدبيٍّ وفنِّي، من العرب وغير العرب، أنَّ الخيال الإنسانيّ قد مات، أو هُم يُروِّجون لتصوُّراتٍ مؤداها أنَّ الإنسانَ لم يعد في حاجةٍ إلى الخيال، أو إلى أي درجة من درجات إعمال ملكات مُخيِّلته الإنسانية الرَّحبة، حيثُ للتطبيقات الكمبيوترية والبرامج الرَّقمية ذات الصِّلة بالابتكار الفني والأدبي، والتي حلَّت، الآن، محلَّ هذا الخيال، أنْ تتكفَّلَ بأداء أدواره ووظائفه، وضمن ذلك إنتاج أعمال فنِّية وأدبية تتميَّز بجماليات فنِّية عالية، وخصائصَ أسلوبيَّة نوعية، وسمات إبداعية، تعجزُ جميع الملكات الإنسانية المتشابكة في تفاعلٍ ثريٍّ، وفي صُلبها الخيال، عن ابتكار مثيلاتها!
ويبدو لي أنَّ هؤلاء الذين يعلنون “موت الخيال الإنساني”، و”رحيل الإنسان المُبدع” عن عالمنا التِّقاني الرَّقمي الرَّاهن الموسوم بثورتي التِّقانة والمعلومات المتسارعتين على نحو يصعب قياسه، ثُّمَّ يُسَارعون إلى الاحتفاء بذلك مؤكِّدين ما يمليه عليهم مخيالهم الذي يتعدَّى حدود الجموح المُمَيكَن ليصلَ إلى ما هو أبعد منه من تصوراتٍ مُتسرِّعةٍ وموهومة، إنَّما هم يؤكِّدون استمرار اشتغال الخيال الإنساني، ولكن بطريقة مُتسرِّعةٍ مُدمِّرة تأخذهُ إلى نقيضه، وتدفعُ مُشغِّليه إلى تصنيع القبحِ عوضا عن ابتكار الجمال!
إنهم يُعلنونَ موتَ الإنسان المُبدع: شاعرا، وروائيا، وقاصَّا، وكاتبا، ومؤلفا مسرحيا، ومُفكِّرا، ونحاتا، ورساما، وموسيقيَّا، وغير ذلك، وكأني بهم يحملون على أقوالهم المتواترة نعوش الفنانين المُبدعين والأدباء الخلَّاقين ليلقوا بها، مُحتفين وسُعداء، في مكبِّ نفايات التِّقانة الحديثة والتطبيقات والأنظمة الكمبيوترية الرَّقمية. ولعلَّهم ينكبون، منذُ الآن، على إعمال خيالهم الخُبالي المحكوم بتغييب العقل والخيال الخلَّاق معا لالتقاط تَصَوُّراتٍ أشدُّ إمعانا في الخبل كي يتمكَّنوا، تأسيساً عليها، من الاحتفاء، في مقبل الأيام، بموت آخر وآخر حتَّى قرب انتهاء سلالات الإبداع والجمال مع قرب حدوث موتٍ أخيرٍ يُمْكِنُهم الإعلان عن قُدومه والاحتفاء، ببهجة غامرة، باكتمال حدوثه، أي موت الإنسان!
فهل يُمكن للمخيلة الرَّقمية ذات الذِّهنية التِّقانية الجرداء، المُجرَّدة من الأحاسيس والمشاعر والأشواق والرؤى، أنْ تُعوِّض المخيلة الإنسانية، أو تحلَّ محلَّها، أو تلغي حاجة الإنسان إلى إطلاق خياله الخلَّاق في سياق صيرورة عمليةٍ إبداعيةٍ مفتوحةٍ على تنوِّع يُفضي إلى تشكُّلات لغوية أدبيَّة متنوِّعة الأساليب، أو لوحات تشكيلية فنِّية، أو تنويعات صوتية وإيقاعات وأنغامٍ ومؤلفات موسيقية، أو غير ذلك من التَّشكلات والأشكال الإبداعية العديدةٍ والمُتنوَّعة، والتي يستحيل حصرها أو تضييق فضاءاتها، لأنَّها، في البدء والمُنتهى، بيوتُ حياة تتسمُ بفرادة تتنوَّعُ وتتعدَّد وتتمايز بتنوُّع مبدعيها، وتعدُّدُ فضاءاتها، وتمايز ساكنيها من صُنَّاع الحياة ورواد آفاقها المفعمين بالحياة ؟!
بالطَّبع، يُمكن لبرامج المخيِّلة، أو ربَّما الذِّهنية، الرَّقمية الآلية المُمَيكنة، وأنظمتها وتطبيقاتها الكمبيوترية المتنوِّعة والمتكاثرة على نحو مذهل، أنْ توفِّر الإمكانيات والموارد والمواد والمقترحات المودعة في مخزنها لتُسَرِّع عملية تركيب صورة أو إدخال تعديلات على صورة جرى التقاطها الآن أو كانت قد التقطت، من قبلُ، من زمن قريب أو بعيد، كما يُمكِّنها عرض خيارات وبدائل تشكيلية وتكوينية ولونية عديدة يسهم انتقاء الفنان ما يُناسب رؤيته وحاجته منها في تقليص الوقت الذي يحتاجه لإبداع لوحة فنِّية حيَّة، أو ابتكار تصميم فنِّي حيويٍّ جديد، ولكن هل بإمكان هذه البرامج أن تفعل شيئا من ذلك بمعزل عن رؤى، وخيارات، وتدخُّلات، وأساليب تعامل، المصمِّم الفنِّي أو الفنَّان التشكيلي، مع أيٍّ منها أو معها جميعا، بوصفه إنساناً مُبدعا؟!
وبالطَّبع أيضا، فإننا نجد أنَّ الأعم الأغلب من الذين يُروِّجون التَّصوُّر، ولا نقول الفكرة، المتعلِّق بموت الخيال، إنما همُ من دعاة إعمال العقل! غير أننا نجد أيضاً أنَّ مغالاة هؤلاء المروِّجين في إبراز حرصهم على إعمال العقل قد دفعهم إلى الأخذ بتصوُّر متطرِّفٍ وغير سويٍّ أفضى إلى إلغاء العقل، وذلك لأنه يتأسَّس على قصر وظيفة هذا العقل على إعمال “المنطق الجامد” فحسب، أي على استبعاد جميع الملكات العقلية الأخرى، وضمنها بالطَّبع، بل ربما في صُلبها جميعا، الخيال الخلَّاق!

رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=16252
عدد المشـاهدات 1047   تاريخ الإضافـة 23/03/2016 - 19:37   آخـر تحديـث 24/03/2024 - 22:06   رقم المحتـوى 16252
محتـويات مشـابهة
الحسناوي: الحكومة ماضية بتسريع إنجاز المشاريع الصحية المتلكئة وافتتاحها
المندلاوي يدعو لحسم اختيار أعضاء مجلس مفوضية حقوق الإنسان للدورة الثالثة
‏الشمري الإنسان .. الشمري الوزير
قائد عمليات ميسان يشارك عدداً من الأطفال الأيتام سفره ترفيهية نظمتها مؤسسة ‏المحب الإنسانية
المفوض الأممي لحقوق الإنسان: انفجار «برميل البارود» في غزة قد يؤدي إلى حرب أوسع

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا