المستقبل العراقي / مهدي السبهان 

            

يعتمد النص البصري في قراءته على الادراك الحسي للمتلقي واشتغاله البصري ذا الثراء الفسلجي في بيان الصورة وإمكانية الفهم مما يثير الجدل في الوسط الثقافي وخصوصا معارض التشكيل متعددت الخطاب ويصبح للتاويل حضورا عند أبواب المؤسسات الثقافية في المدينة وعلى وجه الخصوص جمعية الفنانيين التشكيليين العراقيين فرع البصرة التي أقامت معرض الربيع للفن التشكيلي على قاعة الفنان محمد مهر الدين في الثاني والعشرين من نيسان بمشاركة خمسة عشر فنانا تناغمت أعمالهم في خطها الإبداعي وتناسقة الوحدة الموضوعية بصيغة تدوينية وتوثيق ما يحدث في تضاريس المدينة والانتقائية في رصد الأماكن التي  لها صور في خيال الفنان المبدع عبر زمن ما وإعادة صياغتها في بناء تكويني تنسجم فيه عناصر العمل الفني باستحضار المغيب او المهمش من خلال الطوبوفيليا الباشلارية محبة المكان في نسيج صوري مبتكر ضمن النسق البنائي الذي تمكن فيه الفنان من أدواته وإحالة المبنى بطريقة مفعمة الإحساس إلى منظومة الجمال التي اكتنزت بتلك المضامين الفكرية المستقرة بذات الفنان وذاكرته الصورية التي نسجت ما فيها من مشاهد بالفعل إلى صورة أخرى تحمل تاويلات لا حدود لها بحدسية الصورة المتخيلة والمنتجة وأن كان التشظي في كينونته لتلك الأعمال الفنية وتناظرها بحسب التجربة والفعل التقني في الأداء وأن المشترك الجمالي هو الصفة السائدة للمنجزات الفنية قيد العرض وعند هذا المنحنى الفكري الذي يوغلنا في متاهات المدارس التشكيلية وتصنيف ما منتج بالواقعية بحسب المتلقي إذا ما سلمنا بأنها تنقل الواقع والطبيعة بعمل فني طبق الأصل وأن صح ذلك في أعمال بعض الفنانيين من خلال السياق الواقعي للمساحات اللونية وتدرجاتها إلا أن المشهد البصري في دراسته قد يتجه باتجاه آخر للفنان ذاته او لمشارك بمعزل عما ذكرنا وسياقات العمل الفني هي التي حكمت على هذه التجربة بالاختلاف في بنائيتها وسجلت حضورا في أروقة الانطباع عند أبواب مونية المشرعة بالحياة واقتربت أكثر وربما اوغلت بعض الأعمال بتحررها اللوني وضربات الفرشاة السريعة والاختزال الخطي والاحساس البصري المتنامي الذي يصور الانطباع الكلي بطريقة توحي للمتلقي برؤية الجزء من الكل كمسار انطباعي يعرفه المشتغلين في حقول التشكيل وهو إتقان في بناء الصورة ومهارة الإشهار والحرفية العالية في تنفيذ الفعل التقني مما جعل الأعمال الفنية بمستوى رفيع يمنح المتعة والدهشة للمتلقي لذلك ماتم عرضه لامس شغاف القلوب واحال المتلقي إلى استعادة الصورة المتراكمة في الخيال عن أمكنة المدينة وبالتالي خلق حوار مفتوح ما بين المتلقي والعمل الفني ومثل هكذا أعمال لم تكن مشروعا للإعجاب فحسب وإنما تحتاج إلى مزيد من التأمل.