المستقبل العراقي / خاص
مخاوف وقلق كبير يسيطران على العراقيين ازاء الازمة المالية الراهنة نتيجة العجز الكبير في موازنة 2015, لاسيما وان دوائر ومؤسسات الدولة باتت شبه «معطلة» لعدم توفر السيولة المالية, فضلا توجه بعضها لتسريح اعداد كبيرة من منتسبيها. ويعيش العراق حاليا ازمة مالية «خانقة» نتيجة انخفاض اسعار النفط العالمي من 100 الى 50 دولار للبرميل الواحد. والنظرة الثاقبة إلى وضع المؤسسات الحكومية تبين أنها شبه متوقفة نتيجة عدم توفر الاموال, وهذا ما خلف «بطالة مقنعة», حيث بدأت بعضها التفكير بتسريح عدد كبير من منتسبيها لأنها غير قادرة على تامين رواتبهم. المخاوف جاءت نتيجة الضبابية الحاصلة في ادارة السياسة المالية للبلاد, وإصدار عدد من القرارات التي تنذر بكارثة انسانية في حال لو تم تطبيقها ومنها توزيع رواتب الموظفين كل 40 يوم. وأبدت مصادر نيابية تخوفها وقلقها الشديد من الازمة الراكدة والقوية التي تعصف بالمؤسسات الحكومية والدولة بسبب عجز الموازنة وعدم وضوح حقيقة الوضع المالي للدولة العراقية. وتساءلت المصادر, أين اختفت اموال النفط للسنوات السابقة وأموال الموازنات المدورة», مبدية تخوفها من الضبابية الحاصلة في ابواب صرف موازنة 2014 التي لم تقر في البرلمان. وقالت المصادر, لـ»المستقبل العراقي», ان «الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد يمر بمنعطف (خطير), حيث تسعى مؤسسات ووزارات الى تسريح جزء ليس بالقليل من منتسبيها نتيجة عدم توفر السيولة المالية». ولفتت المصادر الى ان «اعداد كبيرة من الموظفين من السواق والفنيين تحولوا الى عاطلين عن العمل, وأوكلت لهم الوزارات مهمة الانفاق على وقود مركباتهم وتصليحها وما نحو ذلك», محذرة من فتح باب الفساد على مصراعيه جراء النقص الهائل في النفقات الحكومية. وأضافت المصادر, بان «توقف الاستثمار والمشاريع التي تنفذ منذ فترات طويلة في المحافظات الجنوبية, تعد كارثة اقتصادية كونها ستتسبب بضياع الاموال والجهود التي انفقت وبذلت للأعوام الماضية». وأكدت المصادر ان الحكومة بقمة هرمها وعدد من المسؤولين السابقين والمتسببين بالأزمة المالية القائمة, يسعون لإبقاء الامور غامضة قدر ما يستطيعون وهو امر ليس بمقدور البرلمان مواجهته وفضحه كون الكتل منقادة لرؤوسائها وهم محكومين بدورهم بسياسات احزابهم المشاركة بكل ما يحصل في البلد». وسبق للجنة المالية في البرلمان ان اعلنت عن عزمها فتح تحقيق لكشف ملابسات ضياع الرصيد النقدي للعراق في الأعوام العشرة الأخيرة. وقال عضو اللجنة المالية النائب، مسعود حيدر ان «الرصيد النقدي لدى الحكومة منذ عام 2004 ولغاية العام 2013 بلغ 114 ترليون دينار فيما لم يتبق منها سوى ترليونين و400 مليار دينار ما يشكل صدمة لضياع هذا الرقم المهول من الاموال العراقية». وأضاف انه «وبحسب المعلومات التي لدينا والبيانات المالية فان الفائض المالي للعراق كان 150 مليار دولار منذ العام 2004 ولغاية العام 2012 والارصدة المدورة النقدية 95 مليار دولار الا اننا اليوم لدينا ارصدة مدورة تبلغ ملياري دولار فقط اما الـ93 مليار دولار الأخرى فقد ذهبت أدراج الرياح»، مشيرا الى ان «القصد من الرصيد النقدي الأموال المتحققة من الفائض المالي المودعة في المصارف العراقية اي الأموال التي تحت يد الحكومة». وكشف نائب في البرلمان في وقت سابق لـ»المستقبل العراقي», عن عقبات كبيرة تواجه التحقيق في مصير الاموال الكبيرة التي انفقت ضمن موازنة 2014,مرجحا ان تتضمن عمليات فساد واختلاس كبيرة تقدر بمليارات الدولارات. وعزت لجنة الخدمات والأعمار النيابية، توقف العمل في المشاريع الحكومية الى الازمة المالية التي يمر بها البلد، وفي حين وصفت عمل الحكومة بـ «المتخبط» لإعادة العمل في تلك المشاريع. وقالت عضو لجنة الاعمار والخدمات النيابية أميرة كريم زنكنة، ان «الكثير من مشاريع الاعمار والاسكان، وفي مختلف محافظات العراق توقفت بسبب الازمة المالية التي تواجه البلاد نتيجة هبوط اسعار النفط»، مبينة ان «الحكومة الاتحادية لا تزال تتخبط وتبحث عن خطط لإعادة العمل في هذه المشاريع». وأضافت زنكنة ان «المعطيات على الارض تدل على ان مدة الازمة المالية طويلة، وانجاز المشاريع مرتبط بحل اشكالاتها»، لافتة الى ان «الحكومة تتجه الى دعم القطاع الخاص في الوقت الحاضر، لكن خطوتها بهذه الاتجاه لا تزال ضعيفة بسبب عدم الجدية في تغيير القوانين التي تقف عائقا امام دخول الشركات الاجنبية والمستثمرين الى العراق». وأكدت ان «لجنة الاعمار والخدمات لا تعمل بشكل جدي على مراقبة ملف الخدمات في الفترة الحالية بسبب انشغالها في قضايا رئاسة اللجنة ونوابها». وتابعت بالقول «لا يمكن النهوض في قطاع الخدمات والاعمار في ظل وجود فساد اداري ومالي كبيرين في المشاريع الحكومية»، مستغربة من «عجز الجميع في ايقاف الفساد الذي طال جميع المؤسسات». |