بغداد / المستقبل العراقي
أعلن العراق في 3 يوليو بدء منظمة اليونسكو أولى عمليات إعادة إعمار مدينة «نمرود» الأثرية الواقعة عند ضفاف نهر دجلة على مسافة 30 كيلومترا جنوب مدينة الموصل، والتي تعد درة الحضارة الآشورية التي تأسست في القرن 13 قبل الميلاد، بعد تحريرها من تنظيم «داعش». وكان تنظيم «داعش» امعن في تدمير المواقع الأثرية بالجرافات والمعاول والمتفجرات، وتعّمد تصوير أعمال التخريب في فيديوهات مثيرة أفجعها تلك التي اقترفها في مدينة نمرود التاريخية في 2015، حيث طالت الأضرار 70% من المدينة وفق تصريح وكيل وزير الثقافة والسياحة والآثار قيس رشيد. وكشف اللواء في الجيش ضياء كاظم السعيدي، الذي شارك في عملية تحرير المدينة في نوفمبر 2016، عن سرقة 200 لوحة أثرية من مدينة نمرود الأثرية. الاعتداء على هذا التراث الإنساني أكدته وزارة السياحة والآثار العراقية في السادس من آذار عام 2016 بأن تنظيم داعش عمد إلى تجريف مدينة «نمرود»، لأسباب اعتقادية، الأمر الذي دفع المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، الى تأكيد دعمها في 25 كانون ثاني 2016 -وهو اليوم الذي تم فيه تحرير نمرود من داعش -، لحماية التراث في العراق، داعية الى تقييم الأضرار وحماية الآثار من أي عمليّات نهب وتدمير مستقبليّة. ويتزامن مشروع إعمار آثار النمرود، مع اطلاق وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، خطة إعادة اعمار المناطق المحررة أمدها 10 سنوات وتبدأ مع مطلع عام 2018 وتستمر لغاية 2027، وقدرت الحاجة فيها الى 100 مليار دولار. وكانت بعثة منظمة اليونسكو زارت مؤخرا موقع مدينة «نمرود» الآشورية الأثرية التي تعرضت للدمار على يدي عناصر تنظيم داعش وأجرت عمليات معاينة أولية للموقع وضبطت تدخلاتها في هذه المرحلة. ويشير مدير آثار نينوى، فالح الشمري الى ان «اللجان المشكلة من قبل هيئة الاثار والتراث بدت في توثيق الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية في المناطق المحررة، وفي مقدمتها مدينة نمرود، وهي خطوة في طريق تنفيذ مشروع الإعمار الذي تبنته منظمة (اليونسكو)». وكشف الشمري عن إن «عملية إعادة التأهيل بدأت بالفعل في بناء سياج عصري وآمن حول المدينة، وبارتفاع يزيد على الثلاثة أمتار، وتعزيز النقاط الأمنية في السياج، والغرض منه منع التجاوزات على حدود المدينة من قبل أهالي المنطقة المجاورة، كما بدأت عمليات تطهير محيط المدينة من القنابل والشراك الخداعية والعبوات والقنابل والألغام، وكل هذه التفاصيل لأجل تحسين الوضع الأمني لتهيئة بيئة آمنة لمشروع يونسكو». وأضاف: «باشرت مؤسسة (سميثسونيان) الأميركية بتصنيف قطع الآثار المتناثرة والمحطمة والمتضررة، لكي يتم تركيبها بطريقة علمية وصحيحة، مع قطعها الأصلية، وان قصر اشور الثاني، كان البداية حيث بقاياه المتناثرة تملا المكان بسبب تعمد تنظيم داعش الإضرار به ومحاولة إزالته». كما يكشف الشمري عن ان «المشروع باشر أيضا بنقل المنحوتات المحطمة إلى مخازن آمنة وبيئة ملائمة». ما كشفه الشمري عن الشركة الأميركية، ينسجم مع ما اعلنت عنه واشنطن في 28 يونيو 2017 عزمها ايفاد فريق من الخبراء المختصين الى العراق لتقييم الأضرار التي لحقت بمدينة نمرود الاثرية. وقال مدير مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية الأمريكية مارك تابلين: «منح المكتب مبلغًا قدره 400 ألف دولار لمؤسسة سميثسونيان مقابل العمل التمهيدي». ويكشف عضو لجنة السياحة والآثار النيابية النائب اياد الشمري للمونيتور عن أن «عمليات تامين المكان، وتصنيف القطع الأثرية وتقدير حجم الاضرار، هو لإكمال ملف المواقع الأثرية الذي يُعرض في مؤتمر صندوق المانحين المزمع عقده خلال ايلول المقبل في باريس للحصول على منح كافية لتامين تكاليف مشروع ترميم نمرود، إضافة الى الأموال التي رصدتها يونسكو». واستطرد «الى ان يتم إقرار الاعتمادات المالية اللازمة، فان الفرق العراقية شرعت في جمع القطع الأثرية المتناثرة للمنحوتات وإعادة تأهيل ما دمّره داعش». واضاف «ضمن الخطة العراقية في مشروع أعمار النمرود مفاتحة جهات دولية أبدت استعدادها للمساهمة في إعادة أعمار هذا الموقع الأثري ومن ذلك الجانب الإيطالي والأمريكي». و تتضمن الخطة أيضا وفق الشمري «تدريب الكوادر المحلية وتهيئتها مهنيا وبمهارات عالية حول طريقة التعامل مع المواقع المتضررة والقطع الاثرية المحطمة، وإعادة تركيبها وبناءها بطريقة علمية، لا تؤثر على قيمتها التاريخية ووضعها الأصلي». وحديث الشمري يرتبط بخطوة مهمة جدا على طريق اعمار المناطق الاثرية المتضررة في العراق، وهي تسليم وزير الثقافة الإيطاليّ داريو فرانجيسكيني نظيره العراقيّ فرياد رواندزي، في 13 مايو التقرير النهائيّ للمسح الجويّ للآثار العراقيّة المدمّرة من قبل «داعش» في الموصل والمناطق الأخرى، والذي أعدّه فريق إيطاليّ متخصّص، بالتنسيق مع اليونسكو، ويحتوي أكثر من 500 صفحة. |