د.احمد فخرى سعداء الحظ هم من يمتلكون أصدقاء نافعين، كثيرا ما نتذكر أيام الطفولة وبداية تكوين الصدقات والمشاركة الجماعية مع مفهوم الشلة، وكيف يكون لك صديق مقرب يلازمك الفرحة وأوقات الضيق، تتعلم منه وتضيف له، يشارك معك الألعاب المختلفة، تتطور مع الصداقة مهارات التواصل والمهارات ألاجتماعية والمهارات الحركية أثناء اللعب والجري وبالتالى ينمو لدى الإنسان مايعرف بالذكاءات ألمتعددة والتعرف على الخريطة المكانية للحى الذى نعيش به. فالصداقة لها قيمتها الأخلاقية والوجدانية فى تشكيل شخصية الإنسان، ودائما سعداء الحظ من حالفهم أصدقاء نافعين صالحين، فالصديق الصدوق هو الطبيب النفسي للإنسان فهو من يقف بجانبك وقت الفرح ووقت الضيق هو من يشاركك أفكارك، فمهما كان الفرد مكتفيًا ذاتياّ فإنه يحتاج على الأقل لصديق حقيقي واحد. فالصداقة الحقيقية ليست مشروطة أو وسيلة لغاية شخصية أو لتحقيق مآرب شخصية أو منافع، الصداقة الحقيقية مغروسة فى المحبة المتبادلة والثقة والعطاء ومواصلة التحقيق ألذاتي ويمكن أن نقول إنها حاجة ميتافيزيقية وأنها عامل هام فى نمو الفرد وسعادته. وأحيانًا نجد من يقول إن المكتفين ذاتيًا لا يحتاجون إلى شبكة من العلاقات الاجتماعية أو الأصدقاء من حولهم، لأنهم يمتلكون ألأشياء نعم يمتلكون الأشياء ولكن لا يمتلكون الأصدقاء الحقيقين، فالذين أمنوا حاجاتهم النفسية والاقتصادية وحاولوا أن يقنعوا أنفسهم بذلك أنهم سعداء، يحتاجون إلى أصدقاء حقيقيين نافعين، فسعادتهم ناقصة من دون أصدقاء حقيقيين. فالفرد لا يمكن أن يكتفى ذاتيًا من دون صديق حقيقي، ودائما ما يتردد علينا فى العيادات النفسية أشخاص معاناتهم تتمحور حول كونهم يعيشون بدون أصدقاء حقيقيين أصدقاء يوفروا عليهم أجرة الطبيب النفسي، أصدقاء يتبادلون معهم هموم الحياة وأوقات الفرحة والسعادة والنجاح وتحقيق الأهداف والمشاركة الفكرية المتبادلة. ونجد أن على مدار مراحل التطور العمرى للإنسان نجده فى حاجه لصديق، فالأطفال فى حاجة لمن يلعب معهم ويشاركهم الألعاب المتنوعة، وفي مرحلة المراهقة نجد المراهق يحتاج للصديق الذى يشاركه مغامراته والتعرف على البيئة من حوله، وفي مرحلة الشباب نجد أهمية الصديق في المنافسة والأحلام المشتركة وممارسة الهوايات وتعلم الأشياء الجديدة والتدعيم وفي مرحلة النضج الإنساني هناك حاجة لمن يقف معك ويتبادل معك الأفكار والآراء ويستمع لك ويكون المرشد والمدعم وفي مرحلة الكبر يحتاج الإنسان الصديق لتأمين الحاجات والمساندة والتدعيم. فالصداقة قوة تحمي وترعي وتثمر، وكما يقول أرسطو الصداقة مطلب كامن في الطبيعة ألإنسانية يوجد ميل طبيعى في الإنسان إلى ألصداقة فالصداقة تشكل الرباط الذى يوحد أعضاء المجتمع وفقًا لشروط التعاون والسلام والود ونبذ العداوة والتعصب والفوضى. أرى أن كلًا منا ينظر حوله، ويبحث عن الصداقة الحقيقية في حياته، ويعمل جاهدًا على تطور تلك الصداقة ونموها وتطورها، وعلى من لم يجد أصدقاء حقيقيين في حياته أن يجاهد في البحث عن أصدقاء في حياته ليشعر بمزيد من التوازن النفسي والاجتماعي ، وعلينا أن ننتبه أن الصداقة الحقيقية ليست بالكم بل بالكيف فدائما نسعى إلى انتقاء الأنفع والأصلح حتى تستقيم العلاقة وتدوم، فالصداقه المبنية على المنفعة والاستفادة أكثر شيوعًا من الصداقة الحقيقية، لذا فالصداقة الحقيقية تقتضى شخصية تتميز بالعدالة والكرم والشجاعة والصدق حتى تكون قيمة أخلاقية، لذا من الصعب استبعاد الصداقة من حياتنا، فالصداقة الحقيقية مهمة لتحقيق النمو النفسي والاجتماعي السوى لأفراد المجتمع.
|