بغداد / المستقبل العراقي
منحت الحكومة الاسبانية رئيس كاتالونيا الانفصالي كارليس بوتشيمون، أمس الاثنين، مهلة جديدة من اجل تقديم إجابة «واضحة وصريحة» حول ما إذا كان أعلن عمليا استقلال كاتالونيا عن اسبانيا، بعد انقضاء مهلة أولى اكتفى في أعقابها برد لم يوضح فيه الالتباس المحيط بالأمر. وأعلنت نائبة رئيس الوزراء الاسباني سورايا ساينز دي سانتا ماريا أن «الحكومة تأسف لقرار الحكومة الكاتالونية عدم الاستجابة لطلبها»، وأعطت بوتشيمون مهلة تنتهي عند العاشرة من صباح الخميس (الثامنة ت غ) من اجل تقديم إجابة «واضحة وصريحة». وكان بوتشيمون دعا رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي إلى اجتماع «في اقرب وقت ممكن» لحل أسوأ أزمة سياسية تمر بها البلاد منذ انتهاء نظام الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو في 1975. وأتت خطوة بوتشيمون مع انتهاء مهلة حددتها مدريد لتوضيح موقفه من مسألة الإعلان عن استقلال الإقليم. إلا أن رئيس كاتالونيا لم يعط في رسالته إجابة واضحة ونهائية على طلب مدريد توضيح الالتباس الناجم عن إعلان بوتشيمون الأسبوع الماضي «أنا اقبل تفويض الشعب لكي تصبح كاتالونيا جمهورية مستقلة» في أعقاب استفتاء حظرته مدريد وأيد خلاله 90 بالمئة من المشاركين استقلال الإقليم عن اسبانيا. ثم ما لبث أن علق فورا تنفيذ الإعلان إفساحا في المجال أمام الحوار مع مدريد التي سارعت إلى رفض أي نقاش في المسألة. وحددت مدريد لوبتشيمون الأربعاء الماضي مهلة انتهت صباح الاثنين لتوضيح موقفه من إعلان الاستقلال محذرة من أنها ستفرض سيطرتها المباشرة على كاتالونيا إذا أصر الإقليم على الانفصال. وكتب بوتشيمون في رسالة وجهها إلى راخوي قال «سيكون هدفنا الأساسي في الشهرين المقبلين إحضارك إلى طاولة الحوار». إلا إن وزير الخارجية الاسباني الفونسو داستيس قال إن رئيس كاتالونيا لم يعط جوابا واضحا. واعلن داستيس في مؤتمر صحافي في لوكسمبورغ انه «من الواضح أن السيد بوتشيمون لم يعط جوابا، ولم يوفر الوضوح المطلوب منه». ويتابع الاتحاد الأوروبي الذي تعرض لضربة بسبب بريكست، الأزمة في كاتالونيا بقلق، كما أنه أبدى تضامنه مع مدريد. ويريد بوتشيمون وبعض حلفائه الانفصاليين إجراء وساطة مع مدريد حول مصير الإقليم وسكانه البالغ عددهم 7.5 ملايين نسمة، وهو ما ترفضه مدريد بشكل قاطع. وكتب بوتشيمون في رسالته إلى رئيس الوزراء الاسباني أن قيامه «بتعليق التفويض السياسي الذي منحه إياه استفتاء الأول من تشرين الأول يبرهن عن إرادتنا الصلبة من اجل إيجاد حل وليس الصدام». ودعا بوتشيمون في رسالته إلى عدم السماح بمزيد من تدهور الأوضاع وجاء في الرسالة «بنية حسنة، وإقرارا بالمشكلة وتصديا لها أنا متأكد من أننا سنتمكن من إيجاد سبيل للحل». وكان وزير الداخلية الاسباني خوان ايناسيو زويدو قال إن مدريد تريد من بوتشيمون تراجعا تاما عن الإعلان. وقال زويدو في مؤتمر صحافي نهاية الأسبوع الماضي إن عدم إعطاء جواب واضح «سيظهر أن بوتشيمون لا يريد الحوار، وبناء عليها سيتعين على الحكومة الاسبانية اتخاذ التدابير الضرورية لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها». وكاتالونيا منطقة صناعية غنية في شمال شرق اسبانيا تسهم في قرابة 20 بالمئة من الاقتصاد الاسباني، ولها لغتها الخاصة وتقاليدها وعاداتها الثقافية. وأعلنت الحكومة الإقليمية أن 90 بالمئة من المقترعين أيدوا الاستقلال، على الرغم من أن الاستطلاعات تشير إلى أن الكاتالونيين منقسمين حيال هذه المسألة. ويؤكد الانفصاليون أن المنطقة تدفع عبر الضرائب أكثر مما تحصل عبر الاستثمارات والتحويلات من مدريد، وان انفصالها عن اسبانيا هو مفتاح ازدهارها. وتقول الحكومة الاسبانية إن الضبابية في مسألة كاتالونيا، التي ترزح تحت وطأة ديون كبيرة لمدريد، والتي لا يمكنها الاستدانة من جهات خارجية، تعرقل تعافي اسبانيا من الأزمة المالية. ونقل اكبر مصرفين في كاتالونيا مقريهما إلى خارج الإقليم، فيما أعلنت وكالة التصنيف «ستاندرد اند بورز» التي تدرس خفض تصنيف كاتالونيا إن المنطقة معرضة للكساد في حالة استمرار الخلاف حول الاستقلال. ويتعرض بوتشيمون (54 عاما) الصحافي السابق والأب لولدين لضغوط كبيرة من مدريد وقادة دول كبرى للتراجع عن إعلان الاستقلال، ويتعرض كذلك لضغوط داخلية من حلفائه الانفصاليين في كاتالونيا للمضي قدما في الانفصال عن اسبانيا. ودفعت الأزمة في كاتالونيا رئيس الحكومة الاسبانية إلى التلويح بتفعيل المادة 155 من الدستور التي تجيز «تسلم إدارة المؤسسات» في الإقليم وهو أمر غير مسبوق. في المقابل هدد حلفاء بوتشيمون الانفصاليون بإضرابات وتظاهرات حاشدة في حال التراجع. ومن المقرر أن يمثل قائد شرطة كاتالونيا جوزيب لويس ترابيرو أمام القضاء الاسباني لاستجوابه بتهمة العصيان على خلفية طريقة تعامل الشرطة الكاتالونية مع التظاهرات المؤيدة للاستقلال وعدم منعه إجراء الاستفتاء المحظور في الأول/تشرين الأول. |