حسين فوزي قليل من الناس يعرفون ان جلال طالباني كان يحظى بتقدير خاص من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. واقل من القليل يعرفون انه كان يحرص بروحه المرحة وابتسامته الدمثة في تقديم نفسه «الكردي القومي العربي جلال طالباني». أمن منذ وقت مبكر بالترابط العضوي بين ضمان حقوق المواطنين العراقيين في الحياة الكريمة وبين فرص تحقيق طموح الكرد في تقرير مصيرهم، وعدَّ بوعي كامل ان قانون الحكم الذاتي خطوة كبيرة نحو «الحلم الكردستاني»، دون ان ينسى الشعار الذي رفعه منذ عام 1975، بعد اتفاقية الجزائر بين النظام العراقي وشاه إيران، «ثورة الجبل من اجل الديمقراطية في العراق ضمانة حقوق الكرد». قليل يعرفون ان الولايات المتحدة الأميركية اعترضت على انتخاب جلال طالباني رئيساً للجمهورية كونه «موالٍ لإيران»، أو كما وصفه احد السياسيين ممن دُرسوا في مدارس الطائفيين «عميل إيراني». ومن قرا عما جرى بعد خلع النظام الشمولي يعرف ان طالباني وحده من أصر على مشاركة القوى السياسية التي لم تشارك في مؤتمر لندن، الغطاء «السياسي العراقي» لغزو العراق وخلع النظام الشمولي، للمشاركة في مجلس الحكم. فتمت دعوة الحزب الشيوعي العراقي والوطني الديمقراطي (الجادرجي) والحركة العربية ألاشتراكية واظن حزب الدعوة، للانضمام إلى مجلس الحكم. وليس هناك سوى قلة «بقي» يعرف أن طالباني برغم من ان السليمانية في ظل سلطة الاتحاد الوطني الكردستاني «فرخت» عشرات الملياردريين، ومثات المليونيريين، ظلت له قناعات يسارية واضحة اقرب ما تكون إلى تجربة الصين الماوية لحقتها فيما بعد متغيرات التجربة الصينية بحالتها الراهنة. لكن الشيء الوحيد الذي لا يفهمه البعيدون عنه كما يفهمه المقربون، حرصه العجيب على التعامل بود زائد مع من يختلف معه ويعارضه، حد يغيض المقربين منه وحسدهم، عدا رجل يتسم برصانة غير عادية هو د. فؤاد معصوم، الذي طالما وجد في هذا السلوك تعبير عن «أحترام الآخر». رحل مام جلال والبعض يأخذ عليه قوله «كركوك قدس الكرد» دون ان يعرف هؤلاء ان القدس بموجب القرارات الأممية فيها الشطر الأكبر عربي، ويضم كل مقدسات الأديان الثلاث. رحل مام جلال، ولم يتمكن مع الأسف، نتيجة مضاربات المحاصصة، ان يرسي مؤسسة رئاسة للدولة العراقية في قانون واضح، وهو ما يناضل من اجل تحقيقة د. معصوم «قدر ألإمكان في بحر احتقان تحاصصي. لكن الذي سيظل دائماً مخلداً في ذهن اجيال ألسياسيين ان جلال حسام الدين نور الله نوري طالباني، أمن بالدور الكبير للإسلام في مسيرة الإنسانية،وامن بالدور الكبير للحركة القومية العربية في مسار التاريخ المعاصر، وامن بالتحالف بين حركة التحرر الوطني العربي والحركة ألكردية وامن بنبذ ألطائفية فكثرٌ من مساعديه من غير طائفته، بل ان مسؤول امن السليمانية وكل مناطق سلطتها شيعي، تفاجأ بعضويته في وفد زار لبنان الراحل رفيق الحريري، وهو يطرح «انطباعاته» عن الوضع الطائفي في لبنان. وداعاً مام جلال ...وستظل رمزاً للأخوة العربية الكردية واحترام الآخر والطموح بدولة عراقية اتحادية ديمقراطية.
|