محمد شنيشل فرع الربيعي
للسرد، في معناه البسيط، كما جاء في لسان العرب، مفاهيم مختلفة، تنطلق من أصله اللغوي، الذي يعني - مثلاً - التتابع في الحديث، يقال سرد الحديث ونحوه ، يسرده سرداً ، إذا تابعه ، وفلان يسرد الحديث سرداً .الرجوع الى السرد أو الحديث عنه يعني الرجوع الى الأنموذج الكوني الأول وهو أنموذج متعلق بأدبيات الخليقة الأولى ، أدبيات اللغز الكوني الأول . إن التغيير الذي طرأ على السرد هو تغيير استقرائي لرسم خريطة جديدة لهذا العالم المستحدث دائما .أي أن عشبة الخلود ، والمدن ، والجمهوريات الفاضلة كلها سرديات تبحث عن عالم مثالي متصور في العقل البشري ، عالمٍ يُعاد فيه ترتيب الأشياء من جديد ، فهنالك شيء آخر مرئي غير هذا الواقع ، والأمر كذلك ينبغي أن نستحدث جنسا جديدا من السرديات يواكب حركة المجتمع وطفراته . نحن قبالةُ لفظتين / سردٌية ــ تعبيرية/ فاللفظة الأولى وهي (السردية) تتمثل في أذهاننا أنها قصةٌ ، أو رواية ، أو حكي... و(التعبيرية) هو المحتوى الوظيفي للغة فيصبح لدينا مفهوما هو (محتوى الحكي ، قصة المحكي ، أو حكي الحكي أي “ اللغة”) وهذا من أدبيات المعجم العربي القار في الذهن ، أي أن التعبيرية قد تناولت السرد في نظامه التقريري فأول السرد من حيث الدليل العقلي هو حكي إسطوري والكلام سابق للكتابة . أما إذا أردنا أن نعول على استنساخ مصطلح (التعبيرية) في مفهوم الرسم وسحبها الى مضمار السردية ، هذا يعني أننا نؤمن بحصار السرد في بنيته التعبيرية الآنفة التعبير ، وبالتالي لا نتحرك إلا في مجال واحد من تعبئة النص ، أي أن اللوحة إن كانت تمثل (النص) في تقديمها للواقع فهي عاجزة على أن تتناول الواقع في وحدة فكرية متكاملة ، بتعبير أخر أن اللوحة تظهر جانبا من جوانب الحياة والواقع ولا تظهر بقية النص ، فالتعبيرية في هذا المجال قد لا تتعدى في عرضها مفهوم الواحد ومعالجة الواحد وتقديم الأنموذج الواحد ، وهذه الواحدية مردها الى أن السردية واستعارة التعبيرية في الرسم تكون مسلوبة لفكرة السرد غير محاكية إلا لجزئية واحدة للواقع. |