كريم النوري ما بعد داعش في العراق وانهاء اخر فصوله تواجهنا تحديات كبيرة ومخاضات عسيرة ولابد من استثمار الفوز وعدم الركون الى نشوة الانتصار والغفلة والاسترخاء ، فلعل القادم يحتاج الى همة عالية وعزيمة لا تلين ويقظة دائمة. ومن تلك التحديات : ١- استحقاقات النصر لكل نصر استحقاقاته وثمراته ومزايداته، ونشوة الانتصار قد تدفع اصحابها لاستحصال ثمار الانتصار ، واحتكار الانتصار والاستئثار بالبطولة لا تليق بالكبار ، فصناع النصر هم الشهداء والجرحى والمقاتلون المرابطون في الجبهات وقادة الامن والحشد ،ويقف وراءهم كل طبقات الشعب العراقي الامهات والزوجات والاباء والمواكب والمتبرعون والموظفون وجميع دول العالم الداعمة للعراق. ٢- هيبة الدولة من يقاتل من اجل امن العراق واستقراره فسيقاتل من اجل استقراره السياسي ، ومن يقاتل من اجل حفظ الدولة وبقائها فسيحافظ على هيبتها ويحرص على تنفيذ القانون ، ولتبقى الدولة والقانون الحاكمان على ارادة الاحزاب والعشائر رغم دور تلك العشائر في حلّ النزاعات عندما لا يكون القضاء فاعلاً في انهاء الصراعات القبلية والثأرات. ٣- استعادة الثقة المتزلزلة واحدة من اسباب الاحتقان وتوفير ارضية لداعش والقاعدة هو ازمة الثقة المتفاقمة بين المكونات بعد سقوط النظام ، ومعالجات الاسباب اولى من معالجة النتائج وواحدة من اسباب التطرف هو تزلزل الثقة ومثلما استعدنا الارض علينا استعادة الثقة المفقودة واشعار المواطن بالمواطنة والمشاركة والانتماء والامان. وحذار من استحضار اتهامات كيدية لمن يختلف معنا او ابتزاز المواطنين بهذه الاتهامات الجاهزة. ٤- العمل ضمن الدولة والقانون احترام الدولة والقانون يعبر عن وطنية وحضارة المواطنين والعمل خلافهما خروج واضح عن دائرة المواطنة والدولة فلابد من العمل على تقوية اركان الدولة وقوة القانون والعمل ضمن الدولة الواحدة ووحدة القرارات. ٥- المنّة والتفضل لا تبطلوا جهادكم بالمنّة والتفضل ولا تفسدوا تضحياتكم بالتعالي والغرور فان كل ما أديناه هو جزء من واجبنا الشرعي والوطني والاخلاقي تجاه الوطن وتلبية لنداء المرجعية المباركة. ٦- شكر الله على نعمة النصر ان ما تحقق من انتصار كبير في العراق رغم الصعوبات وقلة الامكانيات كان نصراً لا يناسب قدراتنا وامكانياتنا والتعبير عن هذا الفضل الالهي من خلال الشكر على نعمائه ، ولعل واحدة من مقتضيات الشكر هو شكر المرجعية الدينية واتباع توجيهاتها وطاعتها بالتمامية وليس بالانتقائية. ٧- توثيق وارشفة النصر كل الشعوب والامم تفتخر بانجازات وتضحيات ابنائها وتخلد مواقفهم من خلال الادب والفنون وتوثيق الانجازات من خلال اقامة المتاحف والمؤلفات الموسوعية التي تدون هذه الانتصارات. والمفارقة المؤسفة ان الشعب يبتهج بفوز المنتخب العراقي في المسابقات الكروية بالرغم ان خسارته لا تهدد وجود وهوية العراق بينما يفترض ان تكون البهجة والفرحة بانتصار القوات الامنية اكبر او توازي فرحة الانتصار الرياضي. ٨- مظاهر عسكرة الشارع قد تكون ظروف دخول داعش وتساقطت المدن سريعاً فرض واقعاً اضطرارياً على مستوى التحشيد والاستعداد لمواجهة الخطر الداعشي الذي داهم العراق وحاصر بغداد. ولعل انتشار بعض المظاهر المسلحة في تلك المرحلة كان مغتفرا ومتسامحاً لعدم وجود معسكرات خارج المدن واهمية التعبئة والتحشيد الجماهيري اقتضى ضرورات العمل داخل المدن ولكن بعد نهاية داعش علينا السعي لانهاء المظاهر المسلحة وعسكرة الشارع والسيطرة على السلاح السائب وابعاد المقرات المسلحة والعسكرية خارج الاحياء والمدن تأكيداً للسلم المجتمعي واظهار هيبة الدولة وحصر السلاح بيد اجهزتها الامنية. واخيراً مثلما انتصرنا في معركة داعش يجب علينا الانتصار في معركة بناء البلد وتنميته فان ذلك محك خطير لمصداقيتنا وصدقنا. |