مرام عطية
في مواعيدِ الفرحِ حقولُ الوطنِ أشجارٌ مثقلةٌ بالخيباتِ ، يسري السُّم في أثدائها المحقونةِ بالحقدِ يتغلغلُ في غصونٍ عذراءَ ، يسيلُ حليبها المترعُ بألغامِ آخرِ ابتكاراتِ الحضارةِ على شفارِ أزرارِ الموت الحديثةِ أنهاراً تشربهُ غزلانُ بلادي السَّمراءُ فتجفُّ فيها ينابيعُ الحياةِ ، و ينتشي اليباسُ بميلادِ الخرابِ تتقافزُ أسماكُ اليبابِ كجنادبِ الليلِ على سهولٍ خصبةٍ مندَّاةٍ بالعطرِ ، تخدعها بالخصبِ ؛ لتفتحَ ذراعيها لمنجلٍ أسودَ يقضمُ زروعها الغضّةَ الأنهارُ لم تعدْ تركضُ بانتشاءٍ نحو البحرِ ، صارتْ تفكرُ كيفَ تصلْ للجناةِ بعد أن عمدتها دماءُ الأبرياءِ ، ترفضُ أن تغتسلَ بالماء ، رأيتها تجمع أشلاءهم المتوسلةَ للشفاء تحتفلُ بجنازتهم عيونهم مقرَّحةٌ جرَّحتها الدموعُ كم تتلهفُ عيوني لشرنقةٍ بيضاءَ تنسجُ خيطَ سرورٍ في الكونِ ! تبحثُ عن بريقِ لؤلؤةٍ بين خلجانِ العيون ، تحملها أيدي محارٌ تسابقُ العصافيرَ إلى جزرِ السَّحابِ ، تناشدُهُ حفنةً من أحلامٍ فيها يواقيتُ فرحٍ ، أو قطراتِ سلامٍ حسانُ بردى يتساءلون لِمَ النهرُ قطَّبَ حاجبيهِ ( ياللخسارة ! أين النسورُ ؟ زحفَ الجرادُ يحصدُ سنابلَ الجمالِ ، ويبيضُ ؛ هذي فراخه تنقرُ بنهمٍ براعمَ الأملِ المشرئبَةَ وأنا لازلتُ فلاحاً نشيطاً أحرثُ الفكرَ بسكَّةِ النورِ وأبذرُ الحروفَ في هذه البيداءُ أجراساً تدقُّ لترقى للآدانِ ، أمشِّطُ النفوسَ لتستقبلَ المطرَ أناشدكَ الرحمةَ والسلامَ أيُّها المطرُ |