قراءة : الناقد محمد شنيشل الربيعي
إذا كانت الكلمة المؤسس الأول لمشروع القصيدة الشعرية فالصوت يجمع حروفه ليبارك تلك الكلمة وهي مجتمعة يتردد صداها في فضاء مفتوح وكأنني به وقد طرق المسامع “ لا تنسوا أن توثقوا ما تقولون فالتاريخ يبدأ دائما بكلمة” أجل الكلمة التي غيرت من حال الى حال ، حريٌّ بها أن تقطع عهدا على نفسها بذلك الإستمرار ، وهذا الترفع ، حتى آمنّا أن الوجود أنتجته كلمة وسينتهي بها . ويعدُّ التأويل طورا عظيما من أطوار الكلمة ، تتداخل به الأصوات وتتشابك البُنى ، وتستبان الأنساق ، وتنجلي مفاتن الكلمة لتتسابق من أجل كل ما هو مثمر للفكر . يتصدر الوطن نصوص الأستاذ ثامر الخفاجي على مساحة تفرض نفسها في الوصول الى مشاهدة (الآن) النموذج الحاضر بكل تفاصيله ، الذي تراكم وصفا ، وتضخم حدودا . لم يخرج (الآن) نفسه من جغرافية الوعي في الماضي ، بل هي حاضرة دائما في رسم حدودها التقليدية ، إذ كلما حاور ثامر الخفاجي وطنه يصل به الأخير الى أوليات الماضوية في الحروب والحب والخوف والتاريخ... وهي نمطيات ماضوية ثابتة في وطن ارتدى طقوسه الماضوية الثابتة هي الأخرى . ما أكثر الآجل فيك يا وطني ... اﻻ الموتَ فهو عاجلْ جداً ﻻادري أم هو جداً عاجلْ الوعي في الماضي . الوعي في نصوص ثامر الخفاجي ، ليس وعيا آنويا تراكميا ، وليس في الحاضر الذي سرعان ما ينصهر في محتويات الماضي ‘ وليس في الغياب المبهم الذي سلم أمره للتكهنات ‘ الوعي في نصوصه يعود الى الماضي الذي تشير بوصلته بأن سرديات الوجود يتغلب عليها أدبيات الثبوت والتذكير بالعهود الماضية التي عاشت تحت هذه السماء نفسها ‘ وعلى هذه الأرض نفسها ‘ وأحيت بالماء نفسه مزروعاتها... ثم أن الرجوع بالإستشهاد بما اتمته الثقافات الماضوية يتراءى للباحث أن طريقة التفكير هي منظومة ماضوية ‘ ومساءلة الإنسان دائما عن ماضيه بدلا من حاضره لدليل على ان الماضي له مسلمات يُعتد بها للتدليل على أنه الجزء المثمر القار في العقل التبعوي ‘ الذي يؤكد أن للوجود أصالة تتبع الماضي ‘ فشكل الحاضر هو مثالية لتسريع الماضي ، وشكل المستقبل هو تنبأ لما كان عليه الماضي ، وذلك لأن الماضي سيحل بدل الآن والمستقبل . |