توتر في البحر الأحمر بسبب «تنافس» تركيا والإمارات في الصومال ---------------------------------- بغداد المستقبل العراقي في أواخر الشهر الماضي دعت الصومال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كي يوقف بناء قاعدة عسكرية إماراتية على أرض الصومال، وانتقد سفير الصومال لدى الأمم المتحدة صفقة بناء القاعدة في مدينة بربرة الساحلية واصفاً إياها بأنها «انتهاك واضح للقانون الدولي». وقد أبرم هذا الاتفاق بين الحكومة المحلية لجمهورية أرض الصومال والإمارات دون إشراف وموافقة الحكومة الفيدرالية الصومالية. وجمهورية أرض الصومال، أو صموماليلاند، هي منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي، وقد أعلنت استقلالها من طرف واحد أثناء الحرب الأهلية في البلاد، بالرغم من أن هذا الاستقلال لم يتم الاعتراف به دولياً. ومثل قرار الإمارات بناء قاعدة عسكرية في بربرة انتهاكا لدستور الصومال وتحديا لحكومتها الفيدرالية المدعومة من الأمم المتحدة، إذ إنه يمكّن الحكومة المحلية لجمهورية أرض الصومال ويعزز ميولها الانفصالية القديمة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى توترات هائلة في المنطقة وأن يدفع الصومال بسهولة مجدداً إلى حالة من الاضطراب. اجتذبت الصومال، كغيرها من البلدان في منطقة القرن الأفريقي ومنطقة البحر الأحمر، اهتماما متزايدا من الأطراف الخارجية التي لها مصالح في المنطقة، حيث كانت تركيا نشطة للغاية في الصومال بتعاونها الوثيق مع الحكومة الفيدرالية، وكانت الإمارات نشطة للغاية في جميع أنحاء القرن الإفريقي. مع الخلاف الدبلوماسي الإماراتي التركي الاخير والتنافس المتصاعد، يتساءل المرء كيف سيؤثر ذلك على نطاق أوسع في سياق البحر الأحمر، وهو طريق تجاري حيوي للعالم ولا سيما أوروبا، حيث إنه طريقها الرئيسي مع آسيا. وكما أشار إليكس روندوس، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي: «لدينا مصلحة حيوية هنا. هذا الشريان يمر عبره الكثير من التجارة». ومن غير المفاجئ أن الصين اتخذت أول قاعدة بحرية دائمة لها خارج البلاد، على البحر الاحمر، وقد افتتحت في جيبوتي السنة الماضية، وتهدف للمساعدة في حماية هذا الطريق التجاري الحيوي، مع تعزيز مشاركتها الاستراتيجية الأوسع مع أفريقيا. هناك مخاوف من أن وضع الصين المؤثر في جيبوتي سيشكل تحدياً للولايات المتحدة وفرنسا، حيث يوجد لكل منهما قاعدة عسكرية هناك، وقد كان لدى كل من السعودية والإمارات قوات في جيبوتي، ولكن بعد خلاف دبلوماسي، تم إجلاؤهما في عام 2015، على الرغم من عودة القوات السعودية بعد ذلك بعام. وفي غضون ذلك، خلال السنوات القليلة الماضية، عملت تركيا على تعزيز ارتباطها بأفريقيا، خاصة الصومال، ففي 2011، عندما ضربت المجاعة الصومال، كان رئيس الوزراء آنذاك، رجب طيب أردوغان، أول زعيم غير أفريقي يزور العاصمة الصومالية التي مزقتها الحرب منذ ما يقرب من عقدين، وقاد أردوغان الجهود التي جلبت الاهتمام المطلوب ومئات ملايين الدولارات من المساعدات للبلاد. وتحولت مشاركة تركيا الإنسانية على مر السنين تدريجيا إلى مشاركة استراتيجية واضحة، فقد تم بناء الطرق والمدارس والمستشفيات، واليوم يعد طريق الخطوط الجوية التركية إلى الصومال واحدًا من أكثر الطرق ربحاً، والأهم من ذلك، فقد أنهت تركيا العام الماضي بناء أكبر قاعدة عسكرية لها خارج أراضيها في الصومال، وأكبر سفارة لها في مقديشو. في نهاية العام الماضي، زار أردوغان السودان ووقع اتفاقيات اقتصادية بمليارات الدولارات مع نظيره الرئيس عمر البشير، وشمل ذلك إحياء جزيرة سواكن، ربما بما يشمل بناء منشآت عسكرية. وأثار هذا الإعلان توترات بين السودان ومصر والسعودية والإمارات، حيث وردت تقارير تفيد بإرسال مئات من الجنود المصريين إلى قاعدة الإمارات في إريتريا. وردت السودان بإغلاق حدودها مع إريتريا وسحب سفيرها من القاهرة، لكن التوترات تقلصت بعد أن أعلنت السودان أنها لا تنوي السماح بوجود عسكري تركي في سواكن أو أي من أراضيها. تمتلك دولة الإمارات كما ذكر أعلاه قاعدة في إريتريا تم التوصل إلى اتفاق بشأنها بعد وقت قصير من إخلاء قواتها من جيبوتي في عام 2015، وقد استُخدمت القاعدة الإماراتية العسكرية في مدينة عصب المدينة الإريترية على الجانب الأفريقي من مضيق باب المندب المشترك مع اليمن في المقام الأول لمحاربة الحوثيين والقاعدة في اليمن. كانت الإمارات العربية المتحدة نشطة جدا بشكل عام في القرن الأفريقي، ونشطة إلى حد ما في التعاون الأمني مع الحكومة الفيدرالية في الصومال، لكن القاعدة العسكرية الإماراتية التي احتجت عليها الحكومة الصومالية في مجلس الأمن الدولي بدأت في عام 2016 كصفقة لتطوير الميناء في بربرة لأغراض تجارية. بالنظر إلى أن الإمارات كانت تدعم سابقاً وربما ما تزال تدعم الانفصاليين اليمنيين، فإن الصومال لديها كل الحق في أن تشعر بالقلق. وتقف جمهورية أرض الصومال بالفعل على الجانب الإماراتي في الشؤون الإقليمية، حيث انحازت إلى جانب المعسكر السعودي الإماراتي البحريني في حصاره ضد قطر، ومع الأخذ في الاعتبار أن تركيا أرسلت قوات إلى قطر، فإن التنافس بين الإمارات وتركيا يصبح أكثر وضوحاً. يعيش الصومال في خضم توترات هائلة ويمكن أن يتدهور الوضع بسهولة، وفي الأسبوع الماضي كانت هناك مواجهة في البرلمان بخصوص محاولات تغيير رئيس البرلمان، وتفتقد الصومال بالفعل إلى حكومة ومؤسسات مركزيــــة قوية، ويمكن أن ينتهي بها المطاف بسهولة إلى حالة من الاضطراب، ولكن الوجود العسكري الأجنبي هذه المرة قد يؤدي فقط لتفاقم الأمور ويساهم في تفكك البلاد. لم يتبين بعد كيفية رد الحكومة الفيدرالية الصومــــــالية، ولكن بالنسبة للوقــــت الراهن، فإن السلام القصير العمر في الصومال قد يكون على المحكّ. ---------------------------------- سياس أضيف بواسـطة : admin التقييـم : 0 عدد المشـاهدات : 1300 مرات التحميـل : 0 تحميـل هذا اليوم : 0 تاريخ الإضافـة : 16/04/2018 - 09:06 آخـر تحديـث : 26/03/2024 - 22:14 التعليقـات : 0 رابط المحتـوى : http://almustakbalpaper.net/content.php?id=40774 رقم المحتـوى : 40774 ---------------------------------- صحيفة المســتقبل العـراقي AlmustakbalPaper.net