مهدي السبهان
مدينة تغفو على ضفاف النهرين ، يرتادها السياح من كل بقاع المعمورة حتى اطلقوا اليها بندقية الشرق ويذكر المؤرخون ان القرنة كانت تسمى جنة عدن حسب ما ذكرت المؤرخة الفرنسية مدام ديولافوا، ومن هذا المكان انطلقت سفينة دجلة بقيادة النرويجي ثور هيردال وطاقمها المتكون من جنسيات متعددة ليبحروا من سومر الحضارة نحو العالم حيث يصف لنا هيردال ضفاف المدينة (الماء رائق كالبلور والنبت المائي يغطي القعر، شاهدت سمكا واكاليلا وردية طافية على السطح انسللنا بصمت عبر المرج الاخضر وانزلقنا بين جدران باسقة من القصب والعشب المائي وغادرنا صخب العالم الحديث وضجيجه وانتقلنا بسرعة مركبة فضائية الى الماضي السحيق) هكذا كانت البصرة قبل ان يمسك الساسة بكاس الخمر ويعلنوا الحرب التي لم تنته الا بدمارها وجفاف اهوارها والمسح الميداني لأجمل البساتين فيها حيث لم يعد يغف جفن فيها الا على ازيز الرصاص. تفائلنا خيرا بعد ان استبدل النظام الرئاسي المستبد بالنظام البرلماني « الديمقراطي» الذي بدوره فاجئنا بساسة لا يفقهون ان السياسة فن ادارة الشعوب ، وان لا تترك الاحزاب ترقص على اكتاف الفقراء ، واستشعر المثقف خطر ذلك منذ البدايات الاولى التي عكست جهل الساسة الا ان التيار جارف وقد اسكت الرصاص كثيرا من الاقلام الوطنية ، حينما كتبت مقالا في احد المجلات التي اعمل في هيئة تحريرها ، اوضحت فيه ان الساسة يلعبون لعبتهم في الماضي والحاضر والقادم اخطر .. ارعبني في وقتها رعاة البقر من احزاب السلطة وصمت دهرا حتى طفح الكيل وانا ارى ابناء شعبي يسيرون بخطى الصمت نجو الانقراض فالأمراض المعلنة لا تختلف عن الحرب الجرثومية التي تبيد الانسانية وشعب البصرة يتعرض لمثل هذه الابادة الاليمة وتحت صمت رهيب ، فأمراض السرطان تفتك بالناس بسبب التلوث البيئي من المحروقات النفطية لعدم تضمن العقود النفطية الخاصة بجولات التراخيص شروط انشاء مشاريع تحسين البيئة بالرغم من مخاطبة الحكومة المحلية لرئاسة الوزراء والبرلمان العراقي الا ان الاهمال والصمت وعدم الاهتمام بالمواطن ومراعاة الحكومة للشركات المنتجة على حساب المواطن هذه الشركات التي تقوم بعمليات تصريف المياه الصناعية او المخلفات الملوثة الى التربة او الى مصادر المياه وهكذا حلت الكارثة في مدينة البصرة فضلا عن انخفاض منسوب المياه في شط العرب وانتشار المد الملحي الى المناطق الزراعية والاهلة بالسكان مما تسبب بحالات من التسمم بلغ عددها عشرة الاف بحسب تصريح دائرة صحة البصرة ومرض الكوليرا الذي سوف يفتك بالناس بحسب تصريح المحافظ دون ان يحرك ذلك ساكنا عند الحكومة او احزاب السلطة التي اعلنت ذات يوم ان البصرة هي المدينة الاقتصادية لكن هذه المدينة لم تر الا بؤسا ودون ان يضع برنامجا لتطويرها او حتى التفكير بأنشاء محطات تحلية المياه حتى وصلت المدينة الى ما وصلت اليه الان. ولست ابريء احدا من ساستنا لما يحدث لهذه المدينة الفاضلة فاي تخبط للحكومة هذا ؟ واي نوع من الساسة هؤلاء ؟ لا يندى لهم جبين!! هذه البصرة التي كانت ذات يوم بندقية الشرق وملتقى السفن وام البساتين ومرسى السائحين . |