رئيس التحرير
48 ساعة مضت على الاختيار الصعب في العملية السياسية، بكل أزماتها وتداعياتها وعلى وقع ارهاصات الوضع العراقي وتعقيداته وتشظياته الداخلية والخارجية.. مضت هذه الساعات بانتخاب محمد الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب بعد انسحاب أسامة النجيفي (المنافس الأصعب) وخسارة العبيدي المرشح الأقرب من المنافسة، وجرى اختيار الحلبوسي في مشهد فرضته قوة القرار المرجعي ودفعته رياح الغضب الشعبي ونفذته مخاوف كبار السياسيين من الكتل الكبيرة والصغيرة. مخاوف السياسيين تتلخص من الخشية من انزلاقات الجرف العراقي نحو هاوية السقوط بوادي اللاعودة، ومع انتخاب الحلبوسي اتضحت -نوعاً ما- ملامح المرشحين لرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، خاصة وان كرسي البرلمان الذي اعتلاه الحلبوسي ما زال يحتفظ بلونه الطائفي وإن أُطِّر بزخرفة وطنية رسمتها أيادي قادة كتلة البناء، التي دفعت بالحلبوسي لزحزحة منافسيه مرة بالتراضي واخرى بالقوة، وبمباركة الحنانة ورضا السيد مقتدى الصدر وقناعة سائرون، بعد اتفاق غير معلن على شخص مرشح رئاسة الوزراء واتفاق معلن على مواصفات ونوعية المرشح لهذا المنصب والكتلة التي سترشحه. اليوم، ومهما ستتمخض عنه الأيام القليلة المقبلة، نأمل أن يلتفت الجميع من قادة الكتل والسياسيين والبرلمانيين إلى البرنامج الحكومي المطلوب تنفيذه والذي لا بد أن يلبي طموحات الجماهير الغاضبة التي تعتلي صدورها حرارة ووجع العقد ونيّف الماضي. كان وقتاً عصيباً على شعب خرج من حصار اقتصادي إلى حرب شاملة، ليقع بنقص فظيع في الخدمات، وعجز حكومي كبير عن إيجاد الحلول الناجعة لمآسي الشعب العراقي، إضافة إلى بطالة قاتلة نهشت وتنهش عقول واجساد مئات الالاف من الشباب، وتردٍّ لا مثيل له في القطاعين الزراعي والصناعي، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله على المشهد الخدمي بشكل عام والوضع الاقتصادي بشكل خاص. جاءت كل هذه الأزمات، بطبيعة الحال، نتيجة تخبط سياسي مخجل في مواجهة صراعات القوى الخارجية -الاقليمية والدولية- التي تسعى لجعل العراق ساحة اقتتال وتصفية حسابات في ظل غياب لقوة القرار العراقي بمواجهة هذه القوى على أساس المصلحة الوطنية ومراعاة المصالح المشتركة مع دول الجوار والاقليم ودول العالم وتغليب المطلب الوطني والضرورة الوطنية على كل ما هو خارجي. الآن، مهما تكن قوة قرارنا الداخلي فلا خير يرتجى منه ما دام قرارنا الخارجي خجولاً ومجاملاً وضعيفاً، لأن المرحلة خطيرة والوضع الاقليمي أخطر، لذا نحتاج الى رجال دولة يجعلون من قوة القرار منطلقاً للنهوض بواقعنا الاقتصادي ومن الحكمة في التدبير والرشد طريقاً لبناء علاقات متميزة مع دول الجوار والعالم على أساس تغليب المصلحة الوطنية العليا والمحافظة على مصالح الشعوب الاخرى مع الاولوية القصوى للمصلحة العراقية... وللحديث بقية..
|