الاعتصامات والتظاهرات والاحتجاجات والإضرابات هي من المظاهر الصحية والحقوق القانونية والدستورية في المجتمعات الديمقراطية، وتقوم بها بعض الشرائح للمطالبة بحقوقٍ ما لم يتمكنوا من الحصول عليها بسبب الظروف أو السياسات المتبعة في هذا البلد أو ذاك فيخرجون متظاهرين ومن ثم يعتصمون وهكذا يتطور أسلوب المطالبة من حالة إلى أخرى.
وفي العراق، وبعد تفشي الديمقراطية المفرطة، أصبحت هذه الحالات والمظاهر من الأمور المُسَلم بها في الشارع العراقي ومن الأمور الاعتيادية، فالشعب، وعلى مختلف طبقاته وثقافاته وتوجهاته، مارس هذه الحقوق من أجل المطالبة بالحقوق أو من أجل تغيير السياسات وحتى مارسها ناقماً على ما يمر به البلد من ظروف صعبة.
لم تكن كل الممارسات ناجحة، وكذلك لم تقابل كل هذه المظاهر من قبل الحكومات المتعاقبة بالإيجاب والقبول وكل حسب ظرفه ومكانه ومطالبه، لم تقف الحكومات المحلية والمركزية المتعاقبة أمام التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات التي قام بها المواطنين طوال السنين الماضية وقوف المتفرج أو اللا مبالاة بل هرعت اللجان وبعض المسؤولين للقاء هؤلاء والاستفسار عن مطالبهم ودراستها هل هي مشروعة أم لا ونفذ البعض من المطالب وأندثر البعض الآخر بمرور الزمن.
إن ألازمات الاقتصادية والمشاكل الأمنية هي على رأس قائمة أعذار الحكومة محلية كانت أم مركزية لتسويف بعض المطالب أو حتى لغض النظر عنها بإطلاق آمال ووعود بعيدة المدى تنتهي بمرور الزمن عليها لتصبح من الماضي، وهذا كان سبباً رئيسياً لاستمرار خروج المواطنين إلى الشوارع دون انقطاع وبفترات وأوقات مختلفة.
ألان، ومنذ فترة ليست بالقصيرة تطورت واتسعت هذه الممارسات لتشمل الطبقة الاكاديمية (الخريجون) بمختلف اختصاصاتهم وشهاداتهم فلا ترى تقريباً مكان لدوائر الدولة ومؤسساتها الحكومية إلا وتجد المعتصمين والمتظاهرين على أبوابها وهم من حملة الشهادات العليا نزولاً إلى باقي الدرجات العلمية.
(يا حكومتنا العزيزة) إن هؤلاء هم ممن اجتهدوا وافنوا سني عمرهم بالدراسة ولم يصلوا إلى وصلوا عليه اعتباطاً أو جزافاً وعليه يجب معالجة مطالبهم بأسرع وقت ممكن وعدم التهاون مع ما يقومون به لأننا في عصر العولمة وتنقل معاناتهم ومطالبهم الفضائيات إلى العالم اجمع فكيف سيكون ردنا إن قال العالم هل هؤلاء أبناء العراق؟
الوضع الاقتصادي جيد وكذلك الوضع الأمني وعليه ستكون المعالجة يسيرة ومتاحة، لا نقول إن على الدولة استيعاب كل هذه الأعداد الكبيرة ولكن أيضاً على الحكومة أن تجد حلول ناجعة وفورية فتفعيل القطاعين الخاص والمشترك له دوراً كبيراً في رفع الحيف عن الكثير من أبناء الشعب العراقي على مختلف المستويات والدرجات وكذلك خلق فرص العمل المناسبة له دور كبير، إن لقاء المتظاهرين والمعتصمين والمضربين والمحتجين وإسماعهم الكلام المعسول واخذ مطالبهم على ورق للدراسة ليس حلاً أبداً ولا يشفي غليلهم ولا يداوي جروحهم ولا حتى (يوكلهم خبز).
إن هؤلاء وغيرهم من كافة طبقات الشعب العراقي أفل الأمل بداخلهم فلا تقتلوه واعملوا على إيقاده من جديد ليشعروا إن لهم وطن يؤويهم ويلبي مطالبهم ويعطيهم حقوقهم (أنصفوا كفاءاتنا وأهلنا).