لا نأتي بجديد اذا ما قلنا ان الوضع العام في العراق منذ اندلاع المظاهرات الجماهيرية المطالبة بالإصلاح واسقاط منظومة الفساد التي دمرت البلاد والعباد يأخذ العراق الى مزيد من الاحتمالات القابلة لمختلف السيناريوهات مع تنامي مساحة الفرز في ساحات التظاهر وإفصاح بعض الجهات الإقليمية والدولية عن مديات تدخلها بالشأن العراقي وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأمريكية عبر تصريحات بومبيوا مع السفير الأمريكي، ناهيك عن ما صدر من بيان لسفراء فنلندا والمانيا وفرنسا وهو ما استنكرته وزارة الخارجية العراقية.
السفير الأمريكي السابق بالعراق دوجلاس سيليمان، لم يُفش سرّاً حين صرح مؤخراً في جلسة غير علنية أمام لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي بأن بلاده لديها طبقة سياسية عراقية مستعدة لحكم العراق وإعادته إلى سابق عهده، وهذا التصريح بحد ذاته يعتبر اعترافا صريحا يُضاف إلى قائمة لا تُحصى من محاولات أمريكية مستمرة لتفتيت الجسد العراقي واشاعة الفرقة والتناحر بين المكونات التاريخية لما يطلق عليه هلال الخصيب وايجاد سبل القطيعة والمباعدة بينها كلما لاحت للخصوم أي بوادر تقارب أو وئام بينها وهو ما يمثل مصلحة مشتركة وقاسما مشتركا بين امريكا واسرائيل من جهة وادواتها من جهة اخرى وفي المقدمة منها السعودية والإمارات. المُضحك المُبكي والعجيب الغريب والملفت للانتباه ان من ركب موجة الحراك الجماهيري ضد الفساد في العراق ويعمل بكل ما يستطيع لحرف مسار التظاهرات ويتطوع لتنفيذ المخطط الأمريكي هو حزب البعث الصدامي (القومي الاشتراكي) صاحب شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة حيث بات واضحا انه يتعامل مع الواقع اليوم بعقلية الثأر والقبيلة والعصبية الجاهلية وهو ما جعل الامريكان مقتنعين في تحالف وحشد البعث وداعش الضد النوعي لمواجهة الحشد الشعبي وكراهية إيران معاً.
حقيقة، الوضع وخلاصته في العراق اليوم هو مواجهة حامية ظاهرها مطالب معيشية محقة وشرعية كرد فعل على فساد المنظومة الحاكمة طوال الاعوام الستة عشر الماضية وباطنها هو إسقاط الدولة في العراق وإعادة إنتاجها مجدداً.. ولكن هذه المرة وفق الهوى الأمريكي والقياسات الأمريكية، ولم تجد امريكا اي عائق في تنفيذ المخطط المذكور سوى ما يمثله صوت المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف التي تمثل اول وآخر خطوط الصد لضمان افشال ما يخطط للعراق في الخفاء.