خرجت السيول الجماهيرية صبيحة يوم الجمعة منددة ومستنكرة ورافضة لكل شكل من أشكال التدخل الخارجي في الشؤون العراقية والاملاءات وخرق السيادة السافر، وكذلك مطالبة بإصلاح المنظومة السياسية التي تدير العراق والتخلص من الفساد المستشري كمرض خبيث ينخر جسد العراق ويهتك قواه يوماً بعد يوم.
إن التظاهرات والاحتجاجات التي يشهدها العراق على مدى أكثر من ثلاثة أشهر ما هي إلا نتيجة طبيعية لما يعانيه البلد والشعب من سوء إدارة وتغليب مصالح فئوية وحزبية ومناطقية وقومية على المصالح العامة للشعب والوطن باعتراف الطبقة السياسية الحاكمة بمختلف مسمياتها وتوجهاتها، فالكل يعترف بالفساد،والكل أيد الاحتجاجات المطالبة بالتغيير وتحسين أوضاع البلد كافة.
بدورها، طالبت المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف بالاستماع إلى مطالب المتظاهرين وتحقيقها لأنها من مسلمات الحياة الطبيعية وراحت في كل خطبة ومن على منبر الجمعة ترشد وتوضح وتضع خارطة طريق لكلا الطرفين محتجين وسياسيين ورفضت ايضاً استعمال القوة التي ليس لها مبرر وتغليب لغة العقل، كما شجبت التدخلات الخارجية بكل مسمياتها وتحت أي ذريعة، وأكدت إن الشعب هو مصدر السلطات وهو مانح الشرعية الوحيد وهو سيد نفسه لا أسياده من الخارج أو الداخل حتى.
وبعد تكرار خرق سيادة البلد، واستهداف مقاتليه في الجبهات وقياداته بشكل علني سافر دون رادع ودون احترام للعراق وشعبه وقواته المسلحة ودون مراعاة للأعراف الدولية والأممية، ووصل الحد إلى التظاهرات فقد حاولت القوى الخارجية أن تدفع بالمتظاهرين إلى الانحراف عن المطالب الحق وعن السلمية ووضعت خططها وعملائها وجيوشها الالكترونية وسط الجماهير، إلا أن وعي العراقيين وحبهم لوطنهم المطالبين به حال دون إن تصل تلك الجهات إلى أهدافها.
بعد كل هذا وبعد خروج التدخلات من الغرف المظلمة إلى العلن ، دعت القوى الوطنية وعلى رأسها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الخروج بتظاهرة مليونية تندد بالوجود الأجنبي بكافة أشكاله ومسمياته وأسباب وجوده في العراق، مطالبين بترك العراق للعراقيين إستناداً إلى التظاهرات الكبرى المطالبة بذات الشيء وتكميلاً لقرار البرلمان القاضي بخروج جميع القوات الأجنبية من العراق.
هذه التظاهرات والمطالبات كغيرها لاقت تأييد المرجعية وأكدت بخطبتها على إن الحق -كل الحق- للشعب العراقي أن يعبر عن رأيه بالطرق التي يراها مناسبة بشرط السلمية في جميع الأمور التي تهم البلاد والعباد وعلى رأسها التدخلات الخارجية ومحاربة الفساد، فكانت تظاهرات مليونية هادئة منددة شاجبة مستنكرة لكل السلبيات مطالبة بمعالجتها وبأسرع وقت ممكن.
العراق بحاجة إلى هذه الوقفة الكبيرة وبحاجة أيضاً إلى استمرار زخم التظاهرات السلمية حتى لا تذهب جهود الأشهر السابقة هدراً من اجل الوصل إلى بلد خالٍ من الفساد والمفسدين والمنتفعين وخالٍ من الوجود الأجنبي والأجندات الخارجية التي عاثت في الأرض فساداً. نحن بحاجة إلى مليونية ثابتة تدحر الدمار الذي حل بنا وتأتي بالاعمار والنهوض والحياة الكريمة لنا ولأبنائنا ولتكن دوماً (مليونية عراقية).