يوم 17 \ 2 ذكرى حزنٍ وأسىً بوفاة أحد أبرز القامات العربية الكاتب الصحفي الشهير المخضرم الراحل محمد حسنين هيكل – رائد الصحافة العربية والعالمية، وهو أشهر 11 صحفي في العالم، وتُرجِمتْ كُتُبه الى 31 لغة في العالم.
الأستاذ هيكل كان مدرسةً نوعيةً في التحليل الصحفي والتغطية الصحفية والمقال الصحفي وسواها، وكان له دوراً متميزاً في السياسة الخارجية المصرية والصراع العربي – الإسرائيلي، وخصوصاً من خلال قربه من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورؤساء مصر الآخرين.
حينَ جاءَ هنري كيسنجر الى القاهرة مباشرةً بعد حرب تشرين \ اكتوبر طلبَ اللقاء مع هيكل، وفي بداية اللقاء في مكتبه في صحيفة الأهرام قال له كيسنجر «أشعر وكأنّي اعرفك عن كثب منذ 20 عاماً من خلال متابعتي الدؤوبة لكتاباتك الصحفية»، ردَّ عليه هيكل «ما الذي جاء بكَ الى مصر وماذا تريد».
هنالك مئات الرسائل والأطاريح الأكاديمية في عدة دول عن هيكل، وكانت الجماهير العربية تسارع الى اقتناء ايّاً من الكتب التي تحمل اسمه دونما تصفّحها مسبقاً.
التقى بمعظم ملوك ورؤساء الدول العربية والأجنبية التي امتلكت ادواراً مهمة في احداث الساحة الدولية.
في عام 1950 تولّى هيكل منصب نائب رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» وكان عمره آنذاك 28 سنة، ثمّ أسندت له «دار اخبار اليوم» رئاسة تحرير «آخر ساعة» في سنة 1952. وكان هيكل أفضل من قام بتغطية تفاصيل حربي 1967 و1973 بالإضافة الى مشاركته الفاعلة في تغطية حرب 1948 في فلسطين.
من المفارقات -وفي رأيي شخصياً على الأقل- فبرغم من الهالة البرّاقة التي احاطت وما برحت بالأستاذ الراحل هيكل، لكن ومن خلال المتابعة الدقيقة والمكثفة فوجدنا افتقاده للدراية والأبعاد الكافية للصراع العربي – الإيراني، وربما مؤدّى ذلك يعود الى عنصر «الجيوبوليتيك» في المشرق العربي او حتى سواه ايضاً، ولعلّها تنبغي الإشارة في الصدد هذا أنّ المؤرخ العراقي البارز د. سيار الجميل سبق واصدر كتابين نقديين بشكلٍ حادٍ للغاية ضدّ هيكل، وكان كتابه الأول بعنوان «تفكيك هيكل» والآخر «بقايا هيكل: مكاشفات نقدية اخرى في اشكاليات هيكل»، وفي الواقع فقد كان ذلك Too much – اكثر من اللازم من الأستاذ سيّار، وايضا هنالك كتابٌ نقديٌ آخر للعلاّمة المصري فؤاد زكريا بالضدّ من رمز الصحافة العربية، وهذا ما لا ترتضيه لا الأجانب ولا الأعاجم بحقّ الراحل هيكل.
وفعلاً فقدت الأمة العربية والصحافة العالمية أهم رجالاتها مّما يصعب تعويضه لمئاتٍ من السنين القادمة، ولربما اكثر.