الأسس القانونيَّة لثورة 14 تموز 1958 ---------------------------------- زهير كاظم عبودnbsp ضمن حقبة الحكم الوطني الملكي في العراق كان القانون الأساس العراقي الصادر في 21 آذار 1925 يشكل القاعدة التي تقوم عليها القوانين، وبقي هذا الدستور نافذاً وسارياً طيلة الفترة من تاريخ صدوره حتى قيام ثورة 14 تموز 1958 ، وتضمنت مواده العديد من النصوص الرصينة ، كما أن المسهمين بكتابة تلك النصوص تمت مساعدتهم من الإدارة البريطانية متمثلة بالقاضي السير كارتر، وبمشاركة فعالة من قبل مجموعة من المختصين العراقيين أمثال ناجي السويدي ورؤوف الجادرجي وساسون حسقيل ويوسف غنيمة ، وجاء الدستور الملكي وفقاً لمبدأ ان العراق وديعة الشعب لدى الملك ثم لورثته من بعده .nbsp بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 وقيام الجمهورية، كان لا بدَّ من وجود أساس وقاعدة تستند عليها القوانين الجديدة والتي تتناسب مع النظام السياسي الجديد، إذ إنَّ الدستور ينص على شكل الدولة ونظام الحكم وتنظيم السلطات وشكل العلاقة بين السلطات، ولهذا فان الحاجة الماسة هي التي توجب وجود هذه القواعد، أصبح الأمر لازما لكتابة دستور مؤقت ، ينقل حالة الناس الى النظام الجمهوري الجديد، ومنذ اللحظات الأولى للثورة تم تكليف بعض القانونيين من الوطنيين برسم ملامح لإعداد دستور عراقي مؤقت كانت الحاجة ضرورية ولهذا سن على عجالة، على أمل أنْ يتم تثبيته ورسم معالم العراق المدني وفق أسس واضحة في متن دستور دائم يرسم آفاق المستقبل للمجتمع المدني العراقي.nbsp تم تكليف السيدين محمد حديد وصديق شنشل بالإضافة الى المحامي حسين جميل لكتابة مسودة لهذا الدستور المؤقت، وبمدة لا تتجاوز الأسبوعين قدمت المسودة الى مجلس الوزراء، إذ تم إقراره بتاريخ 27 تموز 1958 دستورا مؤقتا للجمهورية العراقية. وتضمن هذا الدستور 30 مادة قانونية، إلا أنَّ الأبعاد القانونية العميقة التي نص عليها شكلت الرؤية الوطنية الصافية والخالصة في تلك النصوص، إذ أشارت المادة 3 منه على شراكة العرب والكرد في هذا الوطن مع إقرار الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية، وإن الشعب مصدر السلطات، وان المواطنين سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة ولا يجوز التمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.nbsp ووفقاً لمعاني الملكية الزراعية عملت الثورة بشكل فعال وملموس على تغيير القاعدة الاقتصادية والاجتماعية في العراق، وسعت الى تطويرها وتحويل المجتمع القبلي العشائري القابع تحت سلطة شبه إقطاعية وعلاقات استغلالية مجحفة الى مجتمع متمدن، وإلغاء الترتيب الطبقي المتحكم في السياسة الى مجتمع يقر بالتعددية لكل الطبقات، واعتماد التعددية في النظام الاقتصادي واعتماد منهج التدرج في الالتزام بسياسة معينة تعتمد الاعتدال والحياد، ويمنح كل منها فرصته في الحكم والممارسة، بالإضافة الى مشاركة مطلقة في عملية البناء باتجاه اللحاق بالعصر الحديث بما يليق بالعراق ويمنح أبناءه الفرصة الحقيقية الملموسة. سلوك قيادات الثورة كان ميالا بشكل متعفف الى إنصاف جميع شرائح المجتمع، وان الحالة الاستثنائية المؤقتة كانت دليلاً على احترام تلك السيادة، وتوظيف كل امكانات الحكومة والدولة في خدمة الإنسان وبناء القواعد الصناعية والتجارية التي يحتاجها البلد للالتحاق بركب التطور، وهناك ملاحظة جديرة بالالتفات فقد شكلت علامة النزاهة ونظافة الضمير علامات فارقة لجميع قيادات الثورة مهما اختلفت مواقفهم، ويقف على رأس تلك القائمة قائد الثورة الزعيم عبد الكريم قاسم، وهي علامة وان كانت ضمن العلامات التي تتمتع بها اغلب قيادات البلاد، ولأنَّ الوضع الاجتماعي العام للمجتمع كان يتمسك بهذا السلوك فصاروا مضرباً للمثل بعد ذهاب زمانهم.nbsp وإذ تترك تلك الثورة مؤشرات مهمة في الحياة العراقية، رغم كل ما رافقها من السلبيات والعوائق التي وضعت أمام طريقها لإعاقة المسيرة أو إجبارها على الانحراف عن الطريق الوطني السليم، فانها ودون أن يختلف أحد من الثورات الوطنية التي أزاحت كل ركائز الاستعمار والهيمنة الأجنبية في العراق، وحررت العراق من هيمنة الاحلاف العسكرية والمالية، وفتحت للعراق باباً جديداً نحو المستقبل الديمقراطي والأفق الواسع. ---------------------------------- الرأ أضيف بواسـطة : admin التقييـم : 0 عدد المشـاهدات : 969 مرات التحميـل : 0 تحميـل هذا اليوم : 0 تاريخ الإضافـة : 16/07/2020 - 10:52 آخـر تحديـث : 23/03/2024 - 00:18 التعليقـات : 0 رابط المحتـوى : http://almustakbalpaper.net/content.php?id=61701 رقم المحتـوى : 61701 ---------------------------------- صحيفة المســتقبل العـراقي AlmustakbalPaper.net