محمد حسن الساعدي كثيرة هي الأزمات التي عصفت بالعلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية.. فمنذ عام 2003 والإخوة الكرد رفعوا راية القومية، وباعوا الوطن بأبخس الإثمان، وتجاوزوا حد الانتماء له وتمترسوا خلف ساتر القومية التي شعروا بسببها يوماً أنهم مظلومون.. حالهم حال الشيعة الذين عاشوا تحت مطرقة الجلاد، بسبب انتمائهم العقائدي، لكن ومنذ عام 1991 والأكراد يعيشون حالة الاكتفاء الذاتي، تحت سيطرة الدولة المركزية، وهنا لا ندافع عن حاكم ظالم بطش بشعبه ومزق أواصرهم الاجتماعية، بل أننا هنا نتحدث عن مظلومية الشعب الكردي الذي عانى الويلات تحت ظل حكومات ظالمة متعاقبة، جعلته ينكفئ على نفسه ويتقوقع خلف مفهوم القومية ويجد الجميع عدواً له، بل ينظر إلى الحقوق بعين الغنيمة لا بعين الحقوق.. هذا دفع بعد عام 2003 أن لا تكون الحكومات الكردية المتعاقبة على وئام مع الحكومة الاتحادية في بغداد، بظل أزمة منهجية وقانونية أكثر من كونها سياسية كما يحاول البعض إظهارها.. كما أن إقليم كردستان لم يكن يتعامل مع بغداد على كونه جزء من كيان الدولة العراقية، وباعتباره حالة فيدرالية، بل تعامل مع بغداد على انه دولة مستقلة ويتعامل كدولة داخل الدولة. إقليم كردستان بات متماسكاً بموقعه ويعتقد انه حالة كونفدرالية، ومتمسك بكل الصلاحيات المترتبة على هذا، كما أنه يرفض الاعتراف أمام الحكومة الاتحادية انه حالة دولة بما فيها المنافذ الحدودية والنفط والمطارات وغيرها، والمتابع يرى أن أي وفد يأتي إلى بغداد للحوار يصطدم بالدولة وبالقوانين الحكومية النافذة والدستور الذي حكم العلاقة بين الإقليم والدولة الاتحادية، ويعود خالي الوفاض دون أي تقدم في العلاقة أو تحقيق أي من الأهداف التي يسعى إليها الأخوة الأكراد. كل ذلك وغيره كان نتيجة ما مر البلاد بعد 2003 والانهيار الذي أصاب الدولة العراقية عموماً، ويجعلها ضعيفة أمام أطماع الكرد، أمام قوة واستقلالية الأكراد والعلاقات مع الدول الإقليمية والدولية، وما يملك من دعم دولي واستقرار امني وسياسي داخلي، ونضوج القوى السياسية في الإقليم، تجعل من الإقليم ينظر بعين واحدة إلى دولة ضعيفة منهارة تعيش على الأزمات السياسية، وسط قوى سياسية فاسدة وطبقة حاكمة سرقت خيارات البلاد ونهبت أمواله إلى الخارج، وجعلته أمام ضربات الإرهاب صيداً سهلاً، ومحلاً للنزاع الطائفي والقومي.. هذا اتاح للكرد وفي أي نقاش أو حوار مع بغداد لأن يتحدثوا من موقع قوة، في حين فان باقي مناطق العراق تعاني الإهمال ومشاكل اقتصادية كبيرة، وانهيار عالي في البنى التحتية إلى جانب انتشار الفقر وبنسب عالية، وعلاقة متوترة مع القوات الأمريكية وافتقاد تلك المناطق إلى الدعم الدولي وفقدانها الاستقرار الداخلي، وبالتالي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. |