واثق الجابري أسهم الإعلام المحلي والعالمي بشكل أو بآخر، بنشر مفاهيم خارجة عن الذائقة ودفعوا معنى كثير من المفردات وازاحوها عن عملها، فصارت متداولة إعلامياً لوصف ما يخالف أصل الفعل.. تداولها إعلامياً فرض إدخالها كمفردة جديدة على اللغة، وكأنه يحولها لنفس السياق الذي يصطنعه الآخر، وأن كان عدواً والتبرير جاهز، إنها «الأمانة الصحفية».. وأن كانت الكلمات مثار للفوضى غير آمنة. ما أثار انتباهنا اليوم عند قراءة خبر اعتقال داعشي يقوم بتوزيع الأموال على عناصر المجاميع الإرهابية وعوائلهم، وفي أكثر من وكالة أنباء، ذُكر الخبر على أنه إلقاء القبض عن مسؤول « الكفالات» في الموصل، ورُبَّ سامع بسيط قبل تعريف المفهوم ومقاصده، فأنه يتوقع ويفهم معنى الكفالة المعهود، والتي نعني بها التكافل في المعاملات الحكومية، أو تكفلنا لشخص لآخر أو مجموعة بأداء التزام، أو كفالة يتيم مثلا.. وما يعني في كلها أن الكفيل يقوم بدور الأصيل في حال تعذر التزامه، أو يؤدي الكفيل كل المهام التي لا يستطيع الأصيل أدائها. تختلف كفالات «داعش» عن كل الكفالات آنفة الذكر، وهي من المفردات التي أراد الإرهاب تسويقها، فيما حاول بعض المختصين من تداولها، لإظهار أنفسهم كخبراء بشؤون الجماعات الإرهابية.. فيتحدثون بصيغة تعلو على مسامع المتلقي، كمن يزج بالمفردات والمصطلحات من لغات أخرى.. ومنهم من لا يعرف ترجمتها حرفياً ولا أصل نشوئها، أو لغرض ترسيخ تلك المفاهيم، وكثيراً ممن يتداولها لا يعرفون غاية إختيارها. نقل المتحدث الكلمات كما يرويها إعلام الإرهاب من مصطلحات، مقصودة الإختيار أو مخالفة لغاية الفعل، وماضية في ترسيخ المفاهيم الجديدة على أنها حقيقة الفعل، وتناول مفردات تداولها الإعلام والبيانات الرسمية منها؛ الولاية، البيعة، المضافة، الغزوة، المجاهدين، المرتد، ومن يقع بقبضة القوات الأمنية يسمى اسيراً، وما تزال بعض المساجد ترفع في أدعيتها القول؛ « الهم فرج عن أسرانا» وتسمي السجناء المجرمين أسرى.. بمن فيهم المتهمون بالقضايا الإرهابية والجنائية، وكأنها تعطي تبرير للجريمة وتشكك بشرعية القوانين! أساءت مسميات أخرى للمعنى والأديان والقيم، كاستخدام توصيفات؛ جيش المجاهدين، مجلس شوري المجاهدين، أمير المؤمنين.. ومسميات عدة للمواقع والمناصب والعمليات الإجرامية، مستخدمين سياسة التضليل وتحريف تفسير الآيات القرآنية، والاستناد للأحاديث الضعيفة غير المسندة، لتبرير أعمالهم الوحشية بكنى مختلفة. |