صوّت البرلمان في أول جلسة له منذ نحو شهرين عقب قرار تعليق جلساته نهاية تموز الماضي على رفض استقالة رئيسه محمد الحلبوسي الذي كان قد قدم استقالته من منصبه الاثنين، فيما أصيب عدد من أفراد الأمن بقصف صاروخي استهدف محيط مبنى البرلمان أثناء انعقاد الجلسة. واعتبرت خطوة تقديم الحلبوسي استقالته على أنها مناورة سياسية تهدف لحصوله على شرعية قوى الإطار التنسيقي التي لم تشارك بجلسة انتخابه في كانون الثاني الماضي، إذ شارك فيها نواب «التيار الصدري»، و»الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وتحالف «السيادة»، فقط. ووسط إجراءات أمنية مشددة في العاصمة بغداد وإغلاق تام للمنطقة الخضراء التي تضم مبنى البرلمان، عقد البرلمان جلسته الأولى بواقع 235 نائباً من أصل 329 نائباً، إذ قاطعت الجلسة غالبية القوى المدنية والمستقلين إلى جانب كتل أخرى اختارت عدم الدخول لعدم تصنيفها في أي من معسكري الأزمة السياسية الحالية التي تعصف بالبلاد منذ قرابة عام كامل. وبدأت الجلسة بطرح التصويت على استقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وصوت 222 نائباً على رفضها وتجديد الثقة له، بينما وافق 13 نائباً فقط على طلب الاستقالة. كما انتخب البرلمان نائباً أول لرئيسه بدلاً من المستقيل حاكم الزاملي وهو قيادي في «التيار الصدري»، حيث صوت لصالح محسن المندلاوي، المحسوب على قوى «الإطار التنسيقي»، نائباً أول بغالبية الحضور. وعلق زعيم تحالف «السيادة» خميس الخنجر عقب التصويت على رفض استقالة الحلبوسي، بالقول: «أبارك لأخي الرئيس محمد الحلبوسي هذه الثقة وهذا الموقف الداعم لشخصه وخطواته في العمل السياسي»، معبراً عن أمله «في مرحلة جديدة يلتقي فيها الجميع، وتسود فيها روح الثقة وحب الوطن». ويعول «الإطار التنسيقي» على أولى جلسات البرلمان في كونها خطوة أولى لمضيه بالتوجه نحو تشكيل الحكومة، وقال القيادي بـ»ائتلاف دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، عدنان السراج في تغريدة له على موقع «تويتر»، إن «كل نائب لا يحضر جلسة مجلس النواب بدون عذر مقبول لا يستحق موقعه.. الجلسة اليوم الفيصل بين الفوضى التي سببها حكومة تصريف الأعمال ومجلس نواب معطل، وبين النظام والقانون لتوفير الاستقرار للبلد والانتقال الى مرحلة النمو والازدهار». وفي 12 حزيران الماضي، قدم نواب «التيار الصدري» استقالاتهم من مجلس النواب، ليقبلها رئيس المجلس بعد ساعات قليلة. وفي 23 حزيران عقد البرلمان جلسة استثنائية، وقرر خلالها التصويت على قبول عضوية بدلاء عن نواب «التيار الصدري» المستقيلين، وغالبيتهم من قوى «الإطار التنسيقي»، وفقاً لنظام الانتخابات العراقي الذي يوجب تسمية المرشح الثاني عن الدائرة الانتخابية ذاتها في حال وفاة النائب الأول الفائز أو استقالته. إلى ذلك، أعلنت السلطات الأمنية إصابة 7 عناصر أمن بقصف صاروخي استهدف المنطقة الخضراء ببغداد بالتزامن مع انعقاد جلسة البرلمان. وقالت خلية الإعلام الأمني الحكومية في بيان، إنه «في الساعة الثالثة والنصف ظهراً تعرضت المنطقة الخضراء ببغداد لقصف بثلاث قذائف، سقطت الأولى أمام مبنى مجلس النواب، والأخرى قرب دار الضيافة، أما القذيفة الثالثة فسقطت قرب سيطرة القدس». وتتواصل الإجراءات الأمنية المشددة في العاصمة بغداد، والتي قد تستمر حتى إشعار آخر، في خطوة تأتي لمنع أي طارئ قد يحدث في ظل التجاذبات السياسية. من جهته، عبر المقرب من زعيم «التيار الصدري»، والذي يعرف باسم وزير الصدر، رفضه استعمال العنف والسلاح بقصف المنطقة الخضراء، وقال في تغريدة له: «نرفض رفضا قاطعا استعمال العنف والسلاح الذي قامت به جهات مجهولة بقصف المنطقة الخضراء،»، مؤكدا أنه «بحسب الظاهر، فإن من قام بهذا العمل هو المحتل وأذنابه من الإرهاب، أو جهات تريد النيل من سمعة الإصلاح والمصلحين، واتهام الثوار». إلى ذلك، دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الى حل سياسي شامل وإيجاد مخرج سياسي للبلاد. وشدد الحلبوسي في كلمة له خلال جلسة مجلس النواب بحسب بيان تلقت المستقبل العراقي نسخة منه على «ضرورة أن يكون هناك حل سياسي شامل يتحمّل الجميع فيه مسؤولياته وما يلقى على عاتقه أمام الشعب، لأننا نستهل جلساتنا بكلمة «باسم الشعب» ولذلك يجب أن يكون المجلس ممثلا لكل أبناء الشعب». واضاف، «ندعو المخلصين في كل القوى السياسية إلى إيجاد مخرج سياسي للبلاد، وتحمُّل تحديات هذه المرحلة، وأن نصل إلى مراحل قادمة عسى أن تعود العلاقة ما بين الجماهير وقواها السياسية». واوضح رئيس مجلس النواب، أن «البلاد تعاني كثيرا وتتعرض للمشاكل واحدة تلو الأخرى على المستوى السياسي والأمني والعسكري ويجب أن نتحمَّل مسؤوليتنا جميعا». وتابع «نأمل أن نصل معكم إلى نتيجة لجمع الفرقاء السياسيين في مجلس النواب وفي القاعة الدستورية التي كُتب فيها الدستور العراقي، وأن ندعو إلى تبني (وثيقة بغداد) التي تقطَّعت صورتها وعانى أهلها اليوم بسبب جلسة مجلس النواب وبسبب نشاط سياسي كان يجب أن يكون طبيعيا». وقال الحلبوسي إن «بغداد تستحق أن تُكتب باسمها وثيقة سياسية تكون بمثابة حل شامل للأزمة في العراق، لذلك أدعو مخلصا قادة القوى السياسية وزعماء البلد إلى الجلوس حول طاولة حوار في مجلس النواب وسنكون جميعا مساندين في السلطة التشريعية بحضور الرئاسات ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية لإيجاد مخرج للبلد وإعادة تبني الجميع لمسؤولياته أمام المواطنين، وسيكون هذا الأمر على عاتق رئيس المجلس ونوابه وبمساندة السيدات والسادة النواب للتحرك على كل القوى السياسية لإبراز دور بغداد وأهلها مرة أخرى؛ لأنها تحتاج إلى ورقة جادة في هذا الوقت».
|