اوضح رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ان طريقُ التنمية شريان اقتصادي وفرصة واعدة لالتقاءِ المصالح والتاريخ والثقافات.وقال رئيس مجلس الوزراء في كلمته بمؤتمر طريق التنمية «منذ عقود ومنطقتنا وشعوبنا الميّالة بالفطرة إلى السلام والتعاون، واجهت عقبات متعددة الجذور، وتمددت إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وحروب فاقمت الأوضاع وزادت من الصعوبات، لكنّ هذه الصورة القاتمة لم تكنْ أبدا في يوم ما هي كلّ المشهد، ودائما ما ينطلق الحل من الإيمان بقدرات شعوبنا التي مارست فنّ العيش بمهارة، وخلقت الأسباب لنشوء الحضارات عبر آلاف السنين، والحضارات لا تنشأ بالصدفة». وتابع: «أمام هذه القراءة المستندة إلى التاريخ، والمعطيات العلمية، والثقة بالعزيمة الخلاقة لدى شعوبنا، تغدو العقبات هيّنة، ولن تؤخرنا عن تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الحياة الكريمة لجيلنا الحاضر، والأجيال القادمة، هذا ما نفهمه من المسؤولية». واضاف: « ضيوف العراق وجودكم اليوم في بغداد الآمنة المستقرة المحمّلة بالفرص والتطلعات، هو جزء من وضع الحلول، و(طريق التنمية)، بما يحمله من منصّات للعمل، وقيمة مضافة للنواتج القومية والمحلية، ورافعات اقتصادية، ومسارات لمعالجة المشكلات، هو خطة طموحة ومدروسة لتغيير الواقع نحو بنية اقتصادية متينة وناضجة، لقد تراكم الحديث عن التنويع الاقتصادي، وعن مواجهة آثار التغير المناخي، وصدّ تأثيره الشديد الوطأة على الزراعة والصناعة، وما يتبعه من آثار اجتماعية، اليوم نحن وإياكم نقف على أعتاب مفتاح المواجهة، وكل الجهود التي تعالج هذه المؤثرات، ستمرّ عبر طريق التنمية». واشار، «إننا نرى في هذا المشروع المستدام، ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي، وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة، وإسهاما في جمع جهود التكامل الاقتصادي، ميناء الفاو الكبير، الذي قطع شوطا كبيرا نحو الإتمام، سيكون بوابة هذا الحراك الاقتصادي المهم، وسوف تتكامل معه المدينة الحضرية، التي سنؤسس بجوارها مدينة صناعية ذكية، ستحاكي التطور التكنولوجيّ الحاليّ والمتوقع للسنوات الخمسين المقبلة، إذ سيتمّ توطين صناعات متعددة فيها باستثمار الموارد الأولية المحلية أو المستوردة، من أجل سد الحاجة المحلية والإقليمية من منتجاتها». ولفت: «بهذا المشروع الواعد، سينطلق العراق نحو شراكة اقتصادية معكم تجعل بلداننا مصدّرا للصناعات الحديثة والبضائع،
معتمدين في كلّ هذا على الممرات متعددة الوسائط، وأكثر من ألف ومئتي كيلومتر من السكك الحديدية، وتشغيلها البيني المشترك، ومثلها الطرق السريعة التي ستيسّر عملية نقل البضائع، والوظائف التي ستخلقها هذه الحزمة من المشاريع، وكلّ هذا سيكون بصمة إيجابية تنقل كلّ شعوب المنطقة إلى مرحلة غير مسبوقة من التواصل والتكامل، وهو ما يعني الاستقرار والقدرة على مواجهة ناجحة للتحدّيات».
واستدرك بالقول «طريق التنمية شريان اقتصادي، وفرصة واعدة لالتقاء المصالح والتاريخ والثقافات، سيغذي بلداننا بمقومات التكامل والتواشج، لتكون منطقتنا بعدها قبلة لكلّ باحث عن نجاح استثماري»، مبينا ان»هذه الحكومة الت على نفسها أن تنطلق من الحاجات الفعلية للشعب العراقي، وفق أولويات مدروسة، وبناء على بيانات تعالج جذور عدم الاستقرار والتعثّر. ومؤتمركم هذا وما سيخرج به من خطوات أساسية طموحة، هو في قلب مسار تحرّكنا على صعيد الإصلاح والنهوض الاقتصادي».
ونوه»لقد أسّسنا لهذا المؤتمر عبر تفاهمات بناءة مع قادة وزعماء بلدانكم الشقيقة والصديقة لنا، واليوم تقع على عاتقكم مسؤولية إنضاج تلك التفاهمات، وبوصفكم مسؤولين وفنيين ومتخصّصين في القطاعات المعنية، ستتولّون وضع خارطة طريق عملية للانتقال إلى حيز التنفيذ، والمباشرة بتحقيق الأهداف المرجوّة، ونعوّل كثيرا على التعاون مع جوارنا التاريخي، مع الشعوب الشقيقة والصديقة التي ترتبط بالشعب العراقي حضاريا وثقافيا، وفي أسباب العيش الكريم أيضا، ولدينا معا ما يكفي من المصلحة المشتركة لتحقيق واقع هو من استحقاقنا، في الرفاه والنمو واستثمار الثروة بأفضل الأشكال».
واتم القول «إننا ماضون في كل ما يخدم شعبنا، ويزيد من بوابات التواصل مع الجوار الجغرافي والامتداد الثقافي، وكل ما من شأنه أن يبسط الطمأنينة، ويجذب الاستثمارات العالمية، ويعيد رسالتنا الإنسانية إلى مكانتها بين الأمم، هذا الدور الذي قدّمناه معا للبشرية منذ ملامح الحضارة الأولى».
وفي نفس السياق كشف المتحدث باسم مجلس الوزراء، باسم العوادي، عن رؤية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بشأن طريق التنمية، وفيما أكد أن الطريق سيتحول لشريان اقتصادي ومدن سكنية ومجمعات صناعية كبرى، أشار إلى أنه سيشهد عبور آلاف الشاحنات المقبلة من 25 دولة.
وقال العوادي، في تصريح صحفي، إن «10 دول شاركت في مؤتمر طريق التنمية، 6 منها جيران العراق، وبحضور جميع دول الخليج، باستثناء الأشقاء في البحرين إذ قدموا اعتذاراً في اللحظات الأخيرة لأسباب فنية».
وأضاف أن «المؤتمر جاء لعرض فكرة المشروع وتعريف الدول به ووضع المخططات، ثم بعد ذلك يترك الخيار لكل الدول أن تناقش الموضوع»، لافتاً إلى أن «رئيس الوزراء تحدث بخصوص المشروع مع قيادات الدول الشقيقة المجاورة، وكذلك أشقائنا في دول الخليج، وبالتالي هناك صورة واضحة لدى قيادات الدول ومن أنابهم من الوزراء والمختصين في بلدانهم الذي حضروا المؤتمر اليوم».
ولفت إلى أن «رئيس الوزراء ووزارة النقل، وجهوا دعوات ليست للشركات وإنما إلى الدول، وهي بدورها أرسلت ممثلين عنها ليطلعوا على المشروع ويطرحوا الأسئلة وبعدها يقرروا الخطوة الثانية بعد الانتقال إلى التفاصيل والشركات والتمويل وطرق الإنجاز ومدة إنجاز الطريق».
وتابع: «بعد هذا المؤتمر ستكون هناك لجان تخصصية عراقية، وأيضاً من الدول التي ترغب في المساهمة»، مبيناً أن «طريق التنمية مشروع استراتيجي، إذ ليس طريقاً محلياً يربط بين مدينة وأخرى، بل هو طريق عراقي يربط المنطقة وينقل بضائع جميع دولها، والهدف الأساسي منه هو ربط أوروبا بدول الخليج».
وأشار إلى أن «الخط الاستراتيجي الأساسي سيكون طريق السكة الحديدية بمعدل 1175 كم، بالإضافة إلى الطريق البري بمعدل 1190 كم، لهم مساران مختلفان في الجنوب، لكن يلتقيان في شمال محافظة كربلاء المقدسة ويسيران جنباً إلى جنب لحين وصولهما إلى فيشخابور».
ونوه إلى أن «مهمة هذا الطريق هي نقل البضائع بمختلف أنواعها من أوروبا إلى تركيا عبر العراق وإلى الخليج، وأيضاً السلع الخليجية والموارد الخليجية تنقل من الخليج عبر العراق ثم تركيا وأوروبا»، مؤكداً أن «الحكومة العراقية لا تريد لهذا الطريق أن يكون مجرد (ترانزيت) بل ترغب بأن يتحول هذا الخط البري والسكة الحديدية إلى طريق وشريان حيوي للاقتصاد، وهناك مخططات لمدن صناعية ومدن إسكان تحاط بالطريق، وسيشهد عبور آلاف الشاحنات المقبلة من 25 دولة».وبين أن «السلع التي تأتي من الصين والهند وأمريكا عبر شاحنات تفرغ حمولتها في موانئ الخليج، ستنتقل من خلال العراق عبر ميناء الفاو، وهذا بحاجة إلى بنى تحتية سياحية من مطاعم وفنادق ومقاهٍ وكراجات للسيارات»، مؤكداً أن «طريق التنمية سيتحول إلى شريان اقتصادي ومدن سكنية ومجمعات صناعية كبيرة، من أجل أن يخدم العراق ودول المنطقة مجتمعة».
ولفت إلى أن «هناك قناعة لدى رئيس الوزراء بأن تكون جميع البنى التحتية المتعلقة بالعراق سيادية»، مشيراً إلى أن «العراق سيحافظ على كل المساحات التي تعتبر سيادية لكي يبقى هذا الطريق عراقياً».وبخصوص مدة إنجاز المشروع، قال العوادي: إن «مدة الإنجاز ستبدأ من السنة المقبلة 2024، وتنتهي العام 2028، بمدة إنجاز قياسية خلال أربع سنوات».
وفي نفس السياق أكد وزير النقل، رزاق محيبس، أن الحكومة تعتزم تشغيل المرحلة الأولى من مشروع ميناء الفاو منتصف العام 2025.
وقال محيبس، في كلمته خلال مؤتمر طريق التنمية، إن «طريق التنمية مشروع يصب لصالح دول المنطقة»، مضيفاً: «أنهينا الجدوى الاقتصادية لمشروع طريق التنمية».
وأكد أن «الحكومة تعول على طريق التنمية»، مردفاً بالقول: «عازمون على إنهائه كون يشكل انتقالة نوعية للنقل».ولفت إلى أن «طريق التنمية سيحقق مكاسب اقتصادية كبيرة»، مؤكداً أن «طريق التنمية يحتاج الى تكتل اقتصادي كبير».وأضاف أن «الحكومة تعتزم تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الفاو منتصف العام 2025».
وأشار إلى أن «نسب الإنجاز المتحققة في ميناء الفاو بلغت أكثر من 50 بالمئة»، مؤكداً أن «طريق التنمية سيشكل المسار التنموي للمنطقة والعالم».