غيث العبيدي عندما سقط الطفل المغربي ”ريان“ ذو الخمس سنوات في بئر مهجورة، كل شيئ في العالم العربي خفت وتضائل وتصاغر وأنقبض، وانضم إلى بعضه البعض، وحبست الامة أنفاسها، وسقط منها الحياد، وفجأة تطورت الروابط السياسية والإعلامية والاجتماعية بينهم وبين المغرب، ليصبح الطفل المسكين ”ريان المغربي“ العالق في البئر، حديث الساعة، وقامت كل القنوات الفضائية في العالم العربي، بنقل مباشر لعمليات الانقاذ وعلى مدار خمسة أيام، حتى مررها الإعلام في حينها على أن ”ريان المغربي“ الناقوس الذي أيقظ ضمير العالم التالف، ووحد مواقفهم في المعاملات البشرية، فلا فرق بين انسان واخر وطفل وآخر، في الحسابات الانسانية، ومازالت انفاس الجميع محبوسه مع ريان في ذلك البئر، حتى أعلن الديوان الملكي المغربي خبر وفاته، فعم الحزن والأسى والألم والكآبة في الأوساط العربية، بل وذهب تأثير ”ريان المغربي“ الى أبعد من جغرافية العرب، فعامله الاعلام على أنه الحالة إلانسانية الاهم التي فتحت كلتا عينين العالم. ومنذ تاريخ السابع من أكتوبر 2023 اي ما يقارب لأكثر من سنة، والى هذه اللحظة، ذبح الصهاينة في غزة الآلاف من الريانيين، من عمر الطفل ”ريان المغربي“ ومن أعمار مختلفة، من نفس الملة التي ينتمي إليها المغربي، وعلى نفس الديانة والمعتقد، ومستمرين بذبح اطفال لبنان على نفس الطريقة وبتاريخ اليوم، أن كانت جثة ريان متماسكة، فجثث الاطفال في غزة، مقطعة إلى أشلاء، بعضهم بلا رؤوس، وبعضهم بلا أيدي، وآخرون بلا ارجل ولا ملامح، وبعضهم احياء تحت الأنقاض، ينظرون من ثقوب حطام بيوتهم وركام منازلهم، على أمل أن يتفاعل معهم شرفاء العرب والمسلمين، أو على أقل تقدير عواهرهم، قبل أن يخنقهم ما خنق ”ريان المغربي“ أو تسقط عليهم أنقاض المنازل التي فجرها الصهاينة فوق رؤوسهم. و’ لكن’ الواقعة بين نقيضين ”نجاستهم وطهركم“ أستبعدوكم من دائرة اهتماماتهم، لأنكم من أصلاب طيبة وأرحام طاهرة أذلت اليهود وقهرت الصهاينة. فيا صغيري وصغيرتي الا تعلمون أن بعض العرب والمسلمين قاسين عليكم كأحجار الأنقاض التي قتلتكم، ويمتلكون طاقة مرنة جعلتهم يتقافزون بين احضان الصهاينة، فوهبوا قلوبهم لهم، ولا يستطيعون استرجاعها، وعلى أوجاعكم أسروا الفرح في نفوسهم، لأنهم مسلمين بلا دين، وعرب بلا نخوة، وبينكم وبين ريان المغربي أختلاف قضية. |