عباس عبود سالم 

وانا اتابع احداث سوريا تذكرت العبارة الشهيرة التي كان يرددها الممثل السوري الراحل نهاد قلعي (حسني البرزان) في مسلسل (صح النوم): “اذا اردت ان تعرف ماذا يحدث في إيطاليا عليك ان تعرف ماذا يحدث في البرازيل” .

كنا يومها نضحك على عبارته و لانعرف عن ماذا يتحدث، لكنني اليوم اكاد أكون قد عرفت ماذا يحدث، ف(اذا اردت ان تعرف ماذا يحدث في سوريا ..فيجب عليك ان تعرف ماذا يحدث في أفغانستان)

بعض منا شاهد قبل سنوات فيلما أمريكيا اسمه Charlie Wilson’s War هذا الفيلم يحكي قصة السيناتور الأمريكي الراحل تشارلز ويلسون وقدرته على اقناع الإدارة الامريكية بدعم المقاتلين الأفغان وتزويدهم بصواريخ ستينغر المضادة للطائرات، ويلسون هذا أوصل عشرة من امراء الحروب الأفغان واجلسهم مع الرئيس الأمريكي رونالد ريغان وتمكن من تامين تمويل كبير لعملية سرية اطلق عليها (الاعصار) ضد روسيا.

ومن بين هؤلاء جلال الدين ح.ق.اني الذي كان السيناتور الأمريكي ويلسون يصفه بانه (الخير متجسدا) وح.ق.اني الذي يتقن العربية ولغات اخرى كان من بين الذين يتلقون الدعم المالي بشكل مباشر من الأمريكيين وهو حليف استراتيجي لباكستان ودول أخرى وتحول لاحقا الى دايمنو الجماعات الإره..ابية وحلقة الوصل بين جماعات السل.فية الج.هادية وجماعات الإره..اب المحلي والجهات الداعمة وهو الحليف الاستراتيجي لاس.امة ب.ن لاد.ن وهو السبب في انقاذ طال.بان من انهيارها وولده سراج الدين ح.ق.اني يقود ط.البان اليوم في الخفاء وهو يشغل منصب وزير خارجيتها..رغم انه مطلوب أمريكيا ومصنف على لائح.ة الإ.ره.اب.

طالبان تحولت من الإره..اب الدولي الى الإره..اب المحلي وتمكنت من فتح باب المفاوضات مع الولايات المتحدة بوساطة قطرية..وقبلتها واشنطن التي تخلت عن فكرة نشر الديموقراطية الى فكرة ترويض خصومها الأقل خطورة والاستفادة منهم لضرب خصوم اكثر خطورة، فالار.ه..اب المحلي اقل خطورة من الإر..ه.اب الدولي.. وتمكنت ط.الب.ان من قلب المعادلة الاستراتيجية في مشاهد مذهلة عام 2021 وهذه المشاهد تتكرر ولكن بصورة أخرى وبلاعبين مختلفين..

فابو محمد الجو..لاني تمكن من تحقيق انتقالات من الق.اع.دة الى د.اع..ش ثم الى ممارسة الإره.ا.ب المحلي المسموح به أمريكيا على غرار ط.الب.ان فتوحيد الجماعات وإبراز قيادة واحدة يغري واشنطن على فتح أبواب الحوار مع قيادة لها وجود على الأرض وتغيير الاسم بحدود جغرافية مثل (تحرير الش.ام) يعطي رسالة لواشنطن وحلفائها ان هذه الجماعة تعمل في نطاق جغرافي لا يضر المصالح الغربية كحال غيرها من الجماعات المتفاهمة مع الغرب، وانها ستكون قادرة على تصفية خصوم الغرب في ظل انشغال روسي بحرب أوكرانيا وتحفظ صيني عن التدخل..

فواشنطن لها اهداف استراتيجية في المنطقة تقوم على تحجيم الطموحات الجيوسياسية لايران وروسيا والصين وحماية إسرائيل وحلفائها الداخلين في صفقة القرن..

والج.ولا.ني بنسخته الجديدة سيكون هو الهدية التي يقدمها اردوغان الى دونالد ترامب عشية عودته الى البيت الأبيض لاستكمال صفقة القرن التي ستكون ارتداداتها اشد كارثية من ارتدادات ما عرف بالربيع العربي.

اما نحن في العراق فمازلنا مخيرين بين عبارة حسني البرزان بعد تحويرها الى: (اذا اردت ان تعرف ماذا يحدث في بغداد ..فيجب عليك ان تعرف ماذا يحدث في دمشق) او نكتفي بعبارة (عبد الله السلمان) في مسلسل النسر وعيون المدينة الفنان الراحل جعفر السعدي :”عجيب أمور غريب قضية”، او نتوصل الى وصفة تضمن لنا القضاء على او ترويض ذئاب الوادي الذي نحن فيه…