العدد 872 - 0014-12-25
  من نحن ؟ اتصل بنا الصفحة الرئيسية
الاخ العبادي.. هل سمعت بمنطقة الحسينية؟!    لجنة التحقيق: البيشمركة وسياسيون وقادة وراء سقوط الموصل    خيانة عظمى.. تأجيل التعويضات الكويتية «سنة» مقابل خنق ميناء الفاو    اليوم.. العبادي في تركيا لبحث ملفي مكافحة الإرهاب والنفط    معصوم ينتظر «الـوقـت الـمـنـاسـب» لزيارة إيران    محافظ الديوانية: مدينتنا متواضعة بالاقتصاد ومتقدمة بالأمن    التربية: لا وجود لدرجات وظيفية بسبب «التقشف»    المرجعيـة تـدعـو لإيجـاد سبـل لمحـاربـة «الـفـتـن» وتـحـذر: الـعـراق مـهـدد    الجبوري يستقبل رئيس وأعضاء مجلس مفوضية الانتخابات    المباني تنفذ مشاريع بأكثر من ترليون دينار في قطاعي المباني والخدمات    زيادة رواتب الحماية الاجتماعية العام المقبل    «الفرقة الذهبية» تصول على «داعش» في حدود الموصل ومقاتلوها على مشارف «الكسك»    «داعش» يستهدف «البغدادي» بــ «الكلور».. ووزير الدفاع يتوعد: سنسترد الأراضي المغتصبة    المسيحيون يلغون احتفالاتهم تضامنا مع الشهداء والنازحين.. والعبادي: انتم أصلاء    المستقبل العراقي .. تكشف اسباب عدم تسليم العراق طائرات الـ «F-16»    «داعش» يسقط طائرة حربية اردنية ويأسر قائدها في الرقة    انقرة متورطة.. جنود أتراك يتحدثون مع مقاتلين «داعشيين»    تسلق واسترخاء في جبال اليابان المقدسة    الأسـواق .. حكمـة الحشـود تزيح جنـون الغـوغـاء    الإنــتـاجـيـة تـحـدد آفـاق بـريـطـانـيـا الاقـتـصـاديــة    
 

إحصائيات الموقع
الزوار المتواجدون حالياً : {VISNOW}
عدد زيارات للموقع : {MOREVIIS}


حالة الطقس
غير متوفر الطقس حاليا

البحث
البحث داخل الأخبار

الأرشيف


مقالات

إستفتاء

كيف ترى مستقبل العملية السياسية في العراق






نهر آخر اغتالته الحروب
كتبت بتاريخ : 2012-01-03
 انه نهر آخر اغتالته الحروب, وراح ضحية الزمن والمعارك الطاحنة والآفات والإهمال. كان يحمل مياهه العذبة إلى قرى (البوارين), و(الخرنوبية), و(عتبة), و (الدعيجي), و(الصالحية), و (الحسيبية), و (كوت السيد). ويضج بالنشاط والحيوية بجوار شقيقه الأكبر شط العرب, وينساب بمحاذاته. وهو اقصر وأرشق وأجمل واهدأ منه, ولا طاقة له على استيعاب السفن الكبيرة. فاختار أن يغفو بجانبه, ويتوارى خلف الجزر الثلاث المتسقة على حافة الممر الملاحي, والتي تبدأ من الشمال إلى الجنوب بجزيرة (العجيراوية), ثم جزيرة (الطويلة), وأخيرا جزيرة (الشمشومية). وجميع هذه الجزر تقع شرقي شط العرب, في المنطقة المحصورة بين الخورة وجزيرة أم الخصاصيف (أم الرصاص).    ولشط العرب الصغير مدخل شمالي, ينحصر بين جزيرة العجيراوية وقرية (الصالحية), التي شيد على ضفافها أول مقر لإدارة الموانئ العراقية عام 1919 . ومدخل آخر يقع عند مقتربات ضفاف (شلهة الأغوات).   إن من يتجول في شط العرب الصغير تتجلى له مناظره البهيجة المزدانة بغابات أشجار النخيل. ويرى المتجول في أريافه كأنه يتنزه في بستان جميل المنظر. حيث تتفجر المياه العذبة بين الحقول الخضر. وتمرح الأسماك الملونة في مياه الجداول والغدران, في عالم مائي فريد يعج بأسماك الشانك والحمري والشبوط والكطان والبياح والبني. بينما تختال القوارب والأبلام في قلب النهر. ويمارس الإوز العراقي احتفالاته بحركات بهلوانية, تصاحبها زغاريد متناغمة مع أصوات الأمواج الخفيفة المنبعثة من تلاطم الماء في عرض النهر. وتكتسي ربوع وواحات شط العرب الصغير بمظلة خضراء مشبعة بالندى, ومزينة بفسيفساء الطيف الضوئي الحالم. ولا يستطيع المتجول في تلك الواحات أن يقاوم سحرها الطبيعي. كانت الواحات زاخرة بعرائش العنب المتشابكة مع سعف النخيل وعذوقه المتدلية بقناديل رطب الخستاوي, والبريم والقنطار والليلوي والبرحي. فتتقاطع مع أغصان اشجار التين والبمبر والنبق البمباوي وشجيرات الرمان والمانجو (الهمبة), في نسيج مدهش مطرز بتشابكات الأغصان الطرية البارعة الروعة. تتسلل من خلالها خيوط الشمس الذهبية, فتنعكس على جبهة النهر وتزداد توهجا وبريقا. وتتقافز فوقها العصافير والبلابل الجميلة والطيور الداجنة, وتعطرها الأزهار البرية بأريجها الفواح, في تركيبة عجيبة من نفحات ملكة الليل ورائحة الرازقي الذكية, وشذى الجوري, والأقحوان الممزوج بعبق حبوب اللقاح. وتداعبها النسائم العذبة في هبوب رومانسي منعش. ولعل ابرز ما تتميز به قرى شط العرب الصغير هي طيبة أهلها, وابتسامتهم الريفية المفعمة بالمحبة, ودماثة أخلاقهم, وبساطتهم الفطرية, وسخاء كرمهم, وسهولة التعامل معهم, وتتفرع من شط العرب الصغير مجموعة كبيرة من الأنهار والجداول. أشهرها (نهر جاسم). ذلك النهر الذي ارتبط اسمه بأعنف المعارك الهجومية في التاريخ الحديث. ووقعت على ضفافه في العام 1987 أشرس المواجهات الحربية, وأكثرها دموية. فتحول إلى نسخة دنيوية من جهنم الحمراء, بحممها المستعرة بالنيران, وشظاياها المرعبة, التي تلتهم البشر والحجر فتصرخ (هل من مزيد). وتحولت ضواحي نهر شط العرب الصغير إلى ساحات مفتوحة لكل أنواع المعارك الساحقة, والغارات الحربية الكاسحة. وسرقت عذرية تلك الرياض والمزارع والحقول لسنوات طويلة. فاجتثت اشجار النخيل من عروقها, وغرقت في مستنقعات الدم. وحلت محلها السواتر الترابية, والمواقع الإسمنتية المحصنة, والتعزيزات الهندسية الهجومية والدفاعية. وجففت الأنهار, وجرفت البساتين, وهجرها السكان بعد أن زلزلت الأرض تحت أقدامهم, ولاذوا بالفرار فزعا وروعا. وأخليت القرى تماما منذ انطلاق الشرارة الأولى في العام 1980, وتلتها سلسلة متلاحقة من المعارك البركانية المتوحشة. التي عصفت بالمنطقة برمتها, وأحالتها إلى هشيم محترق. وقلبت عاليها سافلها. ونال نهر شط العرب الصغير قسطا كبيرا من الدمار. بعد أن اغتالته الحرب الضروس. ومزقته قنابل المدفعية الثقيلة. وخنقته المعابر الترابية التي أقيمت فوقه. وامتلأت أعماقه بالدبابات والعجلات العسكرية المحطمة. فتقطعت أوصاله. وتغيرت ملامحه. واجتاحه الخراب الشامل. وتوقفت مياهه عن الجريان منذ عام 1980 ولغاية الآن. وصارت تلك الرياض في تداعيات الذاكرة, واختفت الربوع الجميلة في دفاتر النسيان. ودفن شط العرب الصغير تحت الركام والردم. وسجل في عداد الأنهار الموتى. لكنه ما زال مزروعا في قلوب أهله وخالدا في ذاكرتهم . وكتبت على قبره هذه الأبيات الشعرية المحرَفة (*) من قصيدة السياب :  عيناك غابتا نخيل ٍ دونما سحَرْ  والغابتان دونما ثمرْ  عيناك لا تبتسمان  من حجرْ !  قد عادتا ، والشط جف ّ  والنخيل ُ في ضفافه انتحرْ  والشرفتان نامتا في الظلامْ  لن ترقص الأضواء كالأقمار كالنجوم كالحمامْ  جميعهم قد هاجروا  وارتحل النهَرْ   (*) حرفت قصيدة (أنشودة المطر) من قبل الشاعر خلدون جاويد, مع الاعتذار للشاعر الكبير بدر شاكر السياب.


  اتصل بنا روابط سريعة
 
برمجة و تصميم eSite - 2013
للإتصال بنا عن طريق البريد الإلكتروني : info@almustakbalpaper.net
الرئــــــــيسية سياسي
محلي عربي دولي
اقتصادي ملفات
تحقيقات اسبوعية
فنون ثقافية
رياضة الأخيرة