اعترفت أمريكا, مرة أخرى بأن غزو واحتلال العراق كان من اكبر أخطائها، وكذا اعترف البريطانيون, وكانت نصف أصوات الشعب الأمريكي بهذا الرأي، والأكيد أن الإدارة الأمريكية لم تخطأ, ولم تتوهم، ولم يخدعها الساسة العراقيون، ولم يستدرجوها للغزو والاحتلال كما يحلو لجهلة وأغبياء السياسة عندنا الزعم والتظاهر والادعاء، وهذا الاعتراف الأمريكي بدوره كذبة ساذجة وبليدة، ولكن لها دورها وموقعها ووظيفتها في البرنامج القديم المستمر، وأمريكا بمراكز بحوثها ودراساتها تغبط نفسها على هذا النجاح.. وبوصولها إلى حلم الستراتيجيين بكسب المعارك والحروب بلا خسائر، وأمريكا وضعت وادي الرافدين طوع أهدافها وسياستها، وكانت إجراءاتها أكثر علنية وصراحة وفجاجة في رمي العراق بطاعون الطائفية وفي هذه الفوضى (الخلاقة) وفي تشكيل السلطة، فكل خطوة وجزئية مقصودة، وإنها تشارك عملاءها أفراح وسعادات بلا مثيل، وبهذه المناسبة, مناسبة ذكرى الغزو والاحتلال فان هذا النموذج في سعاداته الكونية يجد أن السماوات فتحت أبوابها مع خزائن العراق أمامه، وسيرى من لا يحلق سعيدا, ولا يرى الأنوار والشموس وراء الظلام الظاهري، ولا يلمس كل مفردات البطاقة التموينية الاثنتي عشرة، مع اللحوم والكيك والويسكي والدولارات التي كان يسرقها النظام السابق رغم القرار الأمريكي بتوزيعها.. ومن لم يبتهج بالخدمة الصحية والتعليمية والأمنية وكل مفردات الحياة الجديدة هو حاقد ولئيم وتناسبه كل النعوت والأوصاف، ويستحق أبشع مصير.أمريكا لم تخطئ حتى باختيار معتمديها ورجالها وأشباحها، وقلناها, مع العراقيين, وثبتناها منذ الشهور الأولى للاحتلال بان أحدا في الحكومة لا يدري بأحد، وكررناها بعد ذلك وراهنا ان دينارا مسروقا واحدا لن يرجع إلى العراق، فقد بدا الأمر واضحا.. ومن بين السياسيين من يمكن معرفة سلوكه بسهولة معرفة تصرف الطفل مع الحلوى واللعب الملونة، وان توافقا وانسجاما لا يمكن توقعه بينهم، وسيبقى الخلاف ديدنهم. ابسط العراقيين عرف سياسة ونيات وأهداف أمريكا، وها هو الواقع يشهد أمام العالم.. مع يقين أمريكا أن المهم أن سياسيين في العراق لن يصحو من سكرتهم.. ولن يفرطوا بسعادتهم ..فالعراق سعيد لأنهم سعداء .. وليمت الأعداء بغيظهم.. وسيكتسب الحقد عليهم قداسته، فكيف لأمريكا ان تزعم بعد كل ذلك أنها أخطأت؟؟ ومن الذي يمنعها من تصحيح خطأها ؟؟ الديمقراطية لا تفرض بالقوة، وأمريكا لا يؤرقها أن ترزح الشعوب تحت حكم الاستبداد، وهل هناك حكم مستبد لا يتصل بها ؟اام أن أمريكا قد تفاجأت بيقظة العراقيين السريعة وتنامي دعمهم للطروحات والشخصيات الوطنية الواسعة الأفق والمؤمنة بالحوار وباحترام الرأي الآخر وتتهيأ لمجيئهم الوشيك؟ أن الرافضين بالأصل والأساس للعبة الأمريكية يستقطبون الأصوات والتأييد والمصداقية، فهل تسعى أمريكا من وراء اعترافها بخطأ الغزو والاحتلال لإشاعة مشاعر نفسية ,ولخلق رأي عام يبطل أو يلغي تأثير هذه الأطراف ؟؟ |