يقول الكاتب الكويتي محمد بن إبراهيم الشيباني في ثرثرته السمجة, التي نشر رذاذها المتطاير على صفحات جريدة (القبس) بعددها الصادر في 6/6/2011 تحت عنوان (البصرة والفاو والسيبة), يقول في خاتمتها: (من أحبك على شيء عاداك على فقده), ونحن نقول له: نعم يا شيباني, ولكن هذا الكلام لا ينطبق عليك, لأن فاقد الشيء لا يعطيه, وأنت يا شيباني لا تملك شيئا, وليس عندك ما تقوله لنا, فلا تتعب نفسك في تزييف التاريخ وتحريف وقائعه, فالعراق عراق, والكويت كويت, وشتان بين البصرة والكويت, فالبصرة أم العراق, وخزانة العرب, وعين الدنيا, وذات الوشامين, وقبة العلم, وبندقية الشرق, والزاهرة, والفيحاء, والعظمى, أما الكويت فقد خرجت من رحمها بعملية قيصرية أجريت لها بعد الحرب العالمية الثانية في حفر الباطن.
ويبدو انك لا تعلم يا شيباني أن للبصرة أسماء احتياطية غير معلنة, نذكر منها (الرعناء) فلا تحاول أن تستفزها, وتتجاسر عليها بثرثرتك الفارغة حتى لا تخزيك وتطاردك برعونتها, ويتعين عليك أن تستفيق من غيبوبتك عندما تتحدث عن أحداث عام 1892, وتتكلم عن أفضال الكويت على البصرة, ففي تلك الحقبة الزمنية لم تكن دولة الكويت موجودة على كوكب الأرض, وكانت حدود ولاية البصرة تمتد من مدينة واسط جنوبي بغداد, إلى رأس مسندم في مضيق هرمز, ومن بادية الهفوف إلى الأحواز, وهور الدورق, وخور الديلم, حتى جزيرة خارك, بمعنى أن سواحل الخليج العربي كلها كانت من ضمن الحدود الإدارية لولاية البصرة, بل أن الخليج كله كان اسمه خليج البصرة, وان أقوى ولاتها في تلك الأيام كان المغفور له الشيخ ناصر بن راشد السعدون رحمه الله, الملقب بناصر الأشقر, الذي امتدت إمارته من ناصرية العرب إلى ناصرية العجم, وكان هو الأمير المطلق في عموم الخليج العربي في الفترة التي تتحدث عنها أنت , ولم يكن يضاهيه أحد آنذاك, لا آل حمد, ولا آل خليفة, ولا آل ثاني, ولا ثنيان, ولا أي أمير من الأمراء الذين ظهروا فجأة بعد الغزو البريطاني, فكيف تريد أن تقنع الناس بأفضال الكويت على ولاية البصرة في الوقت الذي لم تكن فيه الكويت موجودة على الأرض.
اما بخصوص قولك ان آل الصباح هم الذين استصلحوا بساتين البصرة, وهم الذين تولوا شؤون الإصلاح الزراعي في الفاو والسيبة, وتولوا تنظيم الري والسقاية في جداول شط العرب, فنقول لك ان الناس جميعا كانوا ينتمون في تلك الفترة إلى ولاية البصرة بمن فيهم آل الصباح, وان القبائل النجدية هي التي لعبت الدور الأكبر في توسيع نطاق الرقعة الزراعية للبصرة, وهي التي عمرت (المعامر), وغرست الفسائل في (العجيراوية) و(البلجانية) و(الدويب) و(كوت بندر), وهي التي استصلحت (الصالحية) و(الدعيجي) و(البوارين), فلا أنت ولا غيرك يستطيع أن يطوي الصفحات المشرقة, التي سطرتها تلك القبائل العربية الأصيلة, التي نزحت من نجد, واستقرت على ضفاف شط العرب في القرون الماضية, فهل تريد أن تطوي بكلامك هذا تاريخ قبيلة المنتفك, أم قبيلة الدواسر, أم آل رشيد, أم انك تريد أن تطمس تاريخ بيت السعدون, أم تاريخ بيت البسام, أم بيت الخضيري, أم بيت الذكير, أم بيت الدعيجي, أم بيت المنديل, أم بيت السنيد, ام بيت النغيمش, أم بيت الإبراهيم, أم بيت الضاحي, أم بيت الفَدّة, أم بيت الجدعان, أم بيت الشيخ, أم بيت الباز, الذين ينتسب إليهم الشيخ عبد الله الباز, وكانون يسكنون (السيمر) بالبصرة, أم بيت الوطبان, أم بيت الزامل, أم بيت المهيدب, أم بيت الفوزان, أم بيت الفقيه, أم بيت المبيض, أم بيت الشريدة, أم بيت العقيل, أم بيت المنصور, أم بيت الدخيل, أم بيت الصانع ومنهم رجل الأعمال وعضو مجلس الشورى السعودي السابق معن الصانع, أم بيت الفريح, أم بيت المزروعي, أم بيت الصبيح, الذين كانت بساتينهم عامرة في (أبو مغيرة), أم بيت القبان, الذين ينحدرون من الأفلاج قرب الرياض, أم بيت الصقر, أم بيت القاضي, أم بيت القناص, الذين ينتسب إليهم الأستاذ وليد محمد القناص مدير بلديات المنطقة الشرقية, والذي أكمل دراسته في مدرسة النجاة الأهلية في الزبير. مع الأخذ بنظر الاعتبار إننا لم نتطرق هنا للأسر البصرية العريقة, من مثل (بيت باش أعيان), و(بيت السيّاب), و(بيت النقيب), و(بيت معرفي), و(بيت الغانم), و(أولاد عامر), كانت هذه نخبة منتخبة من البيوت والأسر الرائدة, التي استصلحت الأرض, وعمرت البساتين, وشقت الترع, وحفرت السواقي, ومارست الملاحة والفلاحة على طول امتداد شط العرب.
ألا تعلم يا شيباني ان آل الصباح كانوا يمثلون بيتا واحدا من تلك البيوتات العربية الكثيرة, التي عاشت في نعيم البصرة, وتمتعت بخيراتها, وكانوا يمارسون نشاطاتهم الاجتماعية والتجارية والزراعية في البصرة العظمى, التي كان لها الفضل الكبير على القبائل كلها, ولا فضل لأحد عليها. ومن نافلة القول نذكر أن العم فريد بن يوسف البسام (رحمه الله) دأب على زيارة بيت الشيخ جراح الصباح في (كوت الزين) بالبصرة, وكان لهذا الشيخ الجليل الدور الرئيس في بناء مستشفى (أبو الخصيب), وان الشيخ محمد بن ناصر الصباح (رئيس الوزراء) أكمل دراسته في البصرة عندما كانوا يسكنون منطقة الرشيدية الأولى في الزبير, ومازالت منازلهم ومساجدهم عامرة حتى اليوم, فنحن لا نبخس حق أحد, لكننا لا نريدك أن تشقلب الحقائق رأسا على عقب, ولا نريدك أن تفتري على البصرة وتتكبر عليها وعلى أهلها, ولا نريدك أن تصادر جهود القبائل, التي صنعت تاريخها التليد. .
أردت بهذه الكلمات أن أوجه إليك النصح يا شيباني بالكف عن مثل هذا الخزعبلات في الصحف والمنتديات, وان لا تتطاول على البصرة وأهلها, فالبصرة هي الاسم الشامخ الأشم, والقلعة التي مازالت تضوع عواصم الدنيا كلها بشذى نكهتها الطيبة, وكان اسمها يجمع مع الكوفة في كلمة واحدة (البصرتان), وكانت من أعظم الأمصار في العالم الإسلامي, لكنها تعرضت للغدر على يد الذين تولوا قوما غضب الله عليهم, فطعنوها في خاصرتها, وفتحوا عليها أبواب جهنم, وقدموا التسهيلات السخية للحشود الأجنبية الغازية, وسمحوا لهم بالتسلل إلى حقولها وبساتينها, فصبوا فوق رأسها أسواط العذاب, وجلبوا لها الخراب والدمار والويلات والنكبات والأزمات.
كانوا ثلاثين جيشاً حولهم مددٌ
من معظم الأرض حتى الجارُ والأهلُ
جميعهم حول أرضٍ حجمُ أصغرهِم
إلا مروءتُها تندى لها المُقَلُ
لكننا حين يُستعدى على دمنا
وحين تُقطَعُ عن أطفالنا السبلُ
نضجُّ لا حي إلا الله يعلمُ ما
قد يفعل الغيض فينا حين يشتعلُ
ولكي نحفظ للكاتب الكويتي الأستاذ (محمد بن إبراهيم الشيباني) حقه في الرد والتعبير, نعرض عليكم النص الكامل لمقالته, التي كتبها بخط يده من غير حذف أو تحريف: |