قلنا بالأمس أن الصواب لا يتحقق في زمن الفوضى إلا بالمصادفة, واليوم, تبين بالتجربة, أن الصواب لا يتحقق مطلقا في مثل هذه الفوضى.. فطريق الفوضى لا يؤدي إلا الى مزيد من الفوضى والخراب.. والى اضاعة الفرص والرجال والعبقريات... وكما في منطق بعض الفلاسفة في نشأة الكون, من أن نشأته بالمصادفة نظير تشكل قصيدة عصماء بالمصادفة من انتظام قطع الحروف في كيس الى جانب بعضها البعض.. وان المجتمع الذي تحل عليه نازلة الفوضى, كالتي حلت بالعراق, لا علاج لها, ولامنقذ منها إلا بمعجزة كالتي انشأت الكون, ونظمت قصيدة .. أو أن تتحقق على ما يأمله الكثيرون... ففي السياسة, وفي بلد له مثل هذا العمر والتاريخ والحضارة, لا تتفشى فيه مثل هذه الفوضى والاعاصير إلا بعد انتظام الحروف المنثورة, وبالمصادفة, بشكل قصيدة, أو بفعل كائنات استثنائية, وعقول غير معهودة, بحيث تمحى ستة الاف عام, وترمى مثل وساخات وادران مع ماء الوضوء في المجاري الثقيلة.. ويتحول عراق بابل واشور, وما بين النهرين الى عراقات, والى جذاذات, والى نثار صخور جارحة وكذلك بمعجزة المصادفة تتصاعد التغاضيات والايهامات والثمل ويتجسد في سياسيين وضع السكارى, وما هم بسكارى.. فلا يرون اكبر اعمال النهب لأثرى بلد. ولأخطر واوسع ممارسات الفساد والتزوير.. ولا تصح مصادفة انتظام القصيدة من نثار الحروف إلا في خلق هذه الفوضى وعدم اهتزاز الارض من تهمة السياسي بقتل شعبه.. مع تواصل التغني بالديمقراطية... وبوقت النور وعملية حرية العراق..
رغم أن العالم امريكي,, ورغم اصطدام نسمتين هوائيتين في القطب بتدبير امريكي.. ورغم ان استذكار كائن مغمور وفاشل ووضعه في عداد البناة هي خطوة امريكية, ورغم القصد الامريكي ان يكون العراق الجديد بماركة امريكية، إلا ان حالة العراق صارت مصدر حزن واسف امريكيين كثيرين.. ولم تتورع المنظمات الدولية عن تسمية حالة العراق بأسمها,, وقالوا ان العنوان الأهم للديمقراطية (الاعلام ) قد تراجع.. وعشنا تحولات الاعلام من تجاوزات وخروقات بسيطة, وانفلاتات غير لائقة الى تدفق وفيضان وبروز لغة الشارع الرخيص، وخلع الوجوه لاقنعتها,, وتكشف النزوات والصغائر على الملأ ..و.. بمباهاة، وبذلك سادت العملة الرديئة, لتنامي الطلب عليها.. ولهذا فالمعجزة الشيطانية لا تزول ولا تمحى بغير معجزة رحمانية... وما يعصف بالعراق سيتصاعد وتزدحم كوارثه ما لم ينزل الغيث وتتجسد سلطة الروح مقابل هستريا الحصص والمناصب وثمل محسوبين على السياسيين... وهذه السلطة ماثلة وجلية في رجال الدين ومنهم من فاجأ الناس بثراء وعيه وثقافته وبعمق انسانيته وغيرته على الدين واخلاصه لمطالب الروح.. وجدارته بتقدير ومحبة العراقيين واحترام العالم وتقديمه النموذج اللائق بإسلام السلام والتسامح والمحبة... لقد تفتحت ابواب السماء والتاريخ, ويقيموا المعجزة التي تبطل المصادفات المرسومة بدقة وينظموا اجمل قصائد المحبة.. وبقصدية جلية.. لا بالمصادفة الخبيثة... |