مسؤولون لا يتغاضون عما يجري من فواجع في البلد.. بل لا يدرون ولا يشعرون.. كأنهم مصابون بنقص ولادي بالاحساس والشعور والنباهة والضمير... ولا يعتقدون ان العراقيين مصابون بالغثيان وفاض قيئهم وشمته شياطين الارض والسماء وامتعضت واصيبت بالدوار.. فنوع هؤلاء المسؤولين قد انضم الى قائمة الارقام القياسية العراقية في العالم من حيث البلادة وانعدام الاحساس, ولا يزالون يتحدثون عن المحاصصة وعن الطائفية وعن الاعداء والارهاب والجهات التي تتآمر على الحكومة وعلى العراق... وان ساحرات (دلفي) او ساحرات السراديب هن اللواتي عملن عملهن ففشلت الحكومة وقيدها عن انجاز ما يمكن رؤيته بالمجهر.. وصارت اعادة التيار الكهربائي من ضروب المستحيلات.. وتتكون الحياة بتسعة اشهر ويكمل الجامعي دراسته بأربع سنوات.. ويحصل على الدكتوراه بسنوات اقل في حين ان الحكومة لم تنجز الكهرباء بتسع سنوات.. ولم يخطر لها انها مشغولة بنفسها وامتيازات افرادها, والاستحواذ على كل ما يمكن الوصول اليه... مع لازمة الارهاب والمحاصصة... ومشتقاتهما، ولم يخطر لها ان مهمتها ان توفر الحياة,, وحياة رغيدة يتمناها السويسري والامريكي والفرنسي.. وتوفر له الامان.. وتوفر له ان يحقق ذاته ويمارس كل طاقاته ومواهبه.. انها مسؤوليتها.. وتقدمت الى مهمتها لهذا الغرض... مع وضع الاحتمالات كافة من المصاعب والمشاق والاحداث... وانها مسؤولة حتى عن احداث الطبيعة والاقدار هذا شأنها وعليها ان تتكفل به.. وسكوت المواطن على ذريعة الارهاب وكل هذا الوقت لم تعد مقبولة... والمواطن يريد الامان والحياة من الحكومة... وانها المعنية بتوفيره...
وكان على السياسي ان يدرك الحقيقة من ان العراقي متعب ومرهق وبلغ مع الاحتلال حد الاعياء ويستدعي النجدة ودخول ردهة الانعاش.. ولم يكن قادرا على فهم ترف الديمقراطية.. ولا يجيد تمييز الرجال ولا اختيارهم في الانتخابات.. وقاد بعضهم التخلف والنعرات المختلفة.. وربما ما زال هناك من يجهل التفريق بين الشخصيات المملوءة والوطنية والجديرة بقيادة البلد وبين المتاجر بالسياسة,, وفقير الجاه والمال... والسلطان.. وكان على السياسي ان يوقظ البسطاء ويبصرهم ويرشدهم ويعيد تثقيفهم وتربيتهم ويقودهم الى العصر بدل هذا الضخ المتواصل للمحاصصة والطائفية وذريعة التآمر والارهاب... فوظيفتها ومهمتها ان توفر الامان والحياة الكريمة للمواطن.. وكان عليها ان تبحث وتنقب عما يحول دون هذه المهمة في اسابيع وشهور وحتى بوقت اطول في حين مرت كل هذه السنوات والمحنة تتفاقم مع بقاء اللغط المعروف ولم يعد للعراقي ما يتقيؤه.. لا سيما ازاء عدم احساس بعض السياسيين بما يحل بالمواطن والوطن.. مع قناعتهم انهم محصنون من المساءلة.. فالمحاصصة والارهاب واعداء الديمقراطية يحولون دون العمل والبناء... بل هناك من يظن انه يبني ويعمر ويقيم تجربة بلا مثيل... (لا مثيل لامتيازات الرئاسات الثلاث في العالم) في اثرى بلد ثلثه تحت خط الفقر.. وربما فيه العدد الاكبر من الارامل واليتامى والمعوقين... وما زال المترفون يشتمون المحاصصة والطائفية والقتلة,, ولا يشعرون انهم يعلنون عن وقوعهم تحت سطوة من يشتمونهم..
|