اشتهر العربي بالضيافة, وبضروب اكرام الضيف.. ليس فقط بوازع الحاجة الذاتية التي قد يتعرض لها هو نفسه ولتعاطفه مع حالة مر بها مقطوعا في البوادي الموحشة, وعمد لاشعال النيران امام خيمته ليستدل بها المحتاج ويقصدها.. لا ليس لهذا السبب الذي يضمر رغبة لضمان نفسه فيما لو تعرض لمثل هذا الموقف..و.. حتى لو كان لحاجة.. فان الله سبحانه قد خلق البشر بطبائع واستعدادات والوان ومواهب واعمال مختلفة, ليحتاج بعضهم للبعض ولتتكامل حياتهم ويتفاعلوا ويتواشجوا ويتعارفوا, ويعمروا الارض... ولكن العربي يتميز بالكرم لا ليحصل على الجزاء هو ذاته، فهو يغرس نفسه في ضيفه الذي قد لا يراه.. ولكن ضيفه قد يرد هذا الكرم لعابر ومقطوع لا يعرفه ايضا.. وتلك غاية الاخلاق والرقي والانسانية...
الضيافة العربية تتميز باحتفاليتها واهميتها... ومن بين مميزاتها ان العائلة تعيد النظر بمجمل حالها, مستعيرة عيون الضيوف ترى بها هيأتها وتفاصيل واقعها.. فتخفي العيوب وتتواصى في مراعاة الحديث والالفاظ والظهور بالمظهر اللائق, وكل ما يشرف العائلة... واغلب الظن ان هذا غير موجود في المجتمعات الاوروبية التي يتطابق فيها الداخل مع الخارج.... منسجما مع برودة اجوائهم وعواطفهم.
الدول كما الافراد اذ تفتح مضيفها, تستعير عيون ضيوفها وترى البلد... وسيرى العراقي عراقه بعين المسؤول الاردني والاماراتي والمصري والمغربي والسعودي.. وسيتذكر حلم ذلك الذي كان يرجوا قبل اربعين عاما لبلده الصحراوي ان يكون مثل بغداد فصارت بغداد تحلم بمضاهات ذلك البلد الصحراوي ...سيتمنى العراقي في مؤتمر القمة ان ينجو من الاحراجات ومن نشر غسيلنا امام ضيوفنا .. وتفلت من السنتهم الفاظ المحاصصة.. ومفردات الطائفية... ويمارسوا.. او يواصلوا لغتهم المتشككة, الملغومة فيما بينهم.. ويفضحوا ريبتهم ببعضهم البعض.. وبما يدفع عقول غير سهلة لليقين انهم في مضيف بلا مضيفين جديرين.. وانهم يمثلون تمثيلا دور الكرماء والسياسيين .. ويدركوا السبب الاكيد لحجم الفساد وما تتناقله اجهزة اعلام الدنيا..
قمة بغداد مناسبة ليرى السياسي نفسه وبلده وشعبه.. ان يراجع برامجه (ان كانت هناك برامج اصلا) ومؤهلاته وافكاره... وما اذا كان هناك رجال دولة في الدولة ام لصوص ومزورين وموبوءين بالكراهية.. ولا علاقة لهم باخلاق الكرم ومتطلبات الضيافة.. فالكريم الحق يغتني بالعطاء والسخاء والمودة.. ويصلح نفسه, ويستكمل نواقصه, ويتجاوز نفسه ويرتقي عليها.. وستكون المراجعة والاستدراك والتصويب بعدد ووزن الضيوف وبمقدار جدارة وشجاعة ووطنية العراقي الذي سيكون بصوت عربي بارز وسائد لعام كامل.. والا سجلت هذه المنظمة العربية ليس فقط اضافة اجتماع للخطابات العقيمة, بل قد تأخذ موقعها في الطابور امام اعاصير الربيع العربي..
|