ما أن يسمع مدير تلك المستشفى بقدوم مسؤول في وزارة الصحة لزيارة تفقدية, حتى يسارع لتوصية الأطباء وجميع العاملين بضرورة عدم إخبار المسؤول الزائر بنواقص المستشفى من أدوية وتجهيزات، وهذا يعني, وبوضوح كامل أن هناك سرقة، أو محاولة إرضاء وتملق المسؤول، فهل يفعلها طبيب؟؟
طبيب آخر, ناجح وبعيادة مزدحمة ودخل عال، يعلن موافقته لمروج الأدوية الجديدة، وانه سيصفها لمرضاه ولكن مقابل قنينة ويسكي راقية.
وبات معروفا ومتداولا بان أطباء يتقاضون عمولة من الصيدليات التي تصرف وصفاتهم من أدوية خاصة، وكذا مع الجراحين, حيث إقناع المراجع بإجراء عملية جراحية (غير ضرورية) ولدى طبيب معين, هو الطرف الآخر في الصفقة، ومع المختبرات وفحوص السونار.. فهل هذا معقول؟؟
في كلية طبية يتصرف الأستاذ مع الطلاب (أطباء المستقبل) بمزاجية علنية، ويتقصد إغاظة طلابه فيقرر الأسئلة والدرجات بعدوانية ويحاول انتزاع يقينهم بوجود عدالة وانصاف واخلاق طبية وانسانية، يحاول تكفيرهم بملائكة الرحمة وتنفيرهم من هذه المهنة الرسالية.
طبيب عيون وجد ضالته ومنجم ثروته في فتح محل لفحص البصر وبيع النظارات وفي المكان المناسب فزعم ان هناك من يضايقه ويضطهده بسبب اخلاصه وتعصبه لطائفته ولأبنائها، لذا استقال من تلك المستشفى ليتفرغ لخدمة المحتاجين ومساعدتهم، ولكن ما يتقاضاه من أبناء طائفته في محله أضعاف مضاعفة لما كان سيدفعه المراجع لعيادة فحص البصر التابع للكلية التقنية، وكذلك للعيادات والمحلات الخاصة، مبرهنا مرة اخرى ان لا خير من الطائفي، وانه يمضي في طريق محكوم بالضيق إلى أن يضيق بجسد الطائفي ذاته في نهاية المطاف، وسيكون المحسوب على النخبة الاجتماعية, مثل الطبيب, هو الأثقل بالعار وسوء العاقبة.
هذه النماذج وغيرها الكثير هي التي تسهم في تقرير ورسم الأجواء والمناخات التي تلتف على أعناق الكبار وتضيق عليهم وتخنقهم وترغمهم للبحث عن هواء خارج حدود الصغار والضئيلين وملحقي الخزي بأعظم المهن.
لو كانت هناك أجهزة متابعة وضبط وتطوير لما تسلل الطاعون بين الأسرة البيضاء والى العقول الأذكى والأرقى، وربما كان لنقابة الأطباء دورها في هذا الشأن.
بيد ان نقابة الأطباء لم تنتبه لحد الآن إلى راتب الطبيب قياسا لمستوى رواتب الفراشين والبوابين في الرئاسات.. ولم تفزعها المفارقة تلك، ولم تزعزع الأركان لجعل راتب الطبيب مثل راتب الوزير، نقول إن هذه النقابة التي لم تنتبه لراتب الطبيب, ولا إلى الأطباء الكاذبين وعياداتهم المزورة، هل تنتبه لمناخات وأجواء الطب والطبيب وتحول دون هجرتهم؟؟؟ |