الغشامة والجهل واغواءات السلطة وايهاماتها بالقوة والخلود, ربما التي استسهلت وضع الإعلام في قبضة الحكومة.. وبدل أن تكون منبرا لكل عراقي وتنطق باسم كل العراق, صارت منبرا وصوتا للحكومة.. مع الاحتفاظ بالشعار الديمقراطي واللجاجة بوجود الديمقراطية... وبدل أن تكون شبكة الإعلام من المؤسسات في مجلس النواب, ارتبطت بالسلطة كولي نعمة يفرض موالاته وإرضاءه.
نعم.. الثقافة ليست حصانة كافية من الرخص والابتذال والتبعية للسلطة... وان فلاسفة وأدباء وفنانين انزلقوا مع هتلر.. وما زلنا نستشهد بهم في أصل الحداثة وفي التصورات للعالم... فالمثقف عرضة أيضا للاستجابة لوليمة السلطة ولإغراءات الالتحاق بها وخدمتها... وفي شبكة الإعلام أسماء ونماذج في الفكر والثقافة.. ولكنهم رأوا في الحاضر كل المستقبل وربما تواطأ بعضهم مع نفسه وتغاضى عن (حكومية) الشبكة... وربما عن طائفيتها... والعلنية أحيانا بنماذج وقرارات.. وان العتب على الثقافة والمثقفين في واقع تبعية الشبكة لسلطة وهوى الحكومة ينطفئ ويتراجع عندما نتذكر أن الفلاسفة وكبار المبدعين ليسوا بمنجاة من إغراءات السلطة, لاسيما سلطة كالتي في العراق.. يشغل مناصبها بحدود ألفي حامل شهادة مزورة... وسلطة تتحكم بمريء المواطن ...وسلطة تغدق بلا حساب لأتباعها.. وها هم يغدون, في الشبكة, موضع حسد الإعلامي خارجها ..ولكل شيء ثمن... ولكل مقام مقال.
التحقت شعوب كثيرة بالشعوب والمجتمعات المتقدمة التي ضاقت واختنقت من الإقامة والسكن في الكهوف والمغاور والأيدلوجيات والعقائد المغلقة بعد أن اكتشفت سعة ورحابة وثراء العالم ووحدة مصير البشر.. ولذا فان الأحزاب والجهات المختلفة اذ تعبر عن تصورها وفكرها وفلسفتها فإنها لم تعد تنغلق عن تصورات وأفكار وفلسفات تناقضها وتختلف معها حتى في الدول المتخلفة ... غير ان حكومتنا الديمقراطية وهي تسرق إعلام الدولة وتخضعه لإرادتها وصندوقها وسوطها اتخذت إجراءاتها الحكومية وسعت الى صفاء صوتها وإبعاد أي صوت لا ينسجم وفريق العزف.. ولولا وسائل إعلام قليلة (بعضها ستشكل مدرسة في إعلام كفء ووطني) لما كان للعراقي منبر وصوت.. ولا عبرة في هرج وزعم الديمقراطية .. التي بلا مفعول ولا تأثير ولا من يقرأ ولا من يكتب بين آلاف المسؤولين من حملة شهادات بلا نظير لها ولا حجم في العالم. |