وحدها الخدمات الصحية والعلاجية تكفي لإسقاط اكبر وأقوى حكومة اذا كانت بالمواصفات العراقية الحالية.. وترغم كل ضمير حي للصراخ ولعن من لا يخافون الله بعباده .. وتجعل رجل الدين يعلن براءته من سياسة وصلت بالمواطن الى هذا البؤس في الميدان الصحي ...علما.. أن هذا الواقع تتحمله كل بنية وتركيبة واليات الدولة.. وليست وزارة الصحة لوحدها ...فخصوصية الرعاية الصحية لرجل الدين وللمتنفذ ولحامل البندقية تسهم في صنع هذا الواقع ... ونتمنى على الاكثر ادعاء وحرصا وتضحية على راحة وحياة المواطن ان يضحي, لا بوقت الصلاة والعبادة, بل بوقت التصريحات وما يراه من فيضان الخير والرفاه والترف على العراقيين وتدفقه على العالم واثار حسد الجوار وسعيهم لتقليد التجربة ...نقول نتمنى على السياسي وقائد الغفلة وممتثل رموز الزهد ان يزور عيادات الأطباء عصرا.. ويتفقد الرعية وحالها مع الطبيب والمختبر والفحص الشعاعي وطرق نهب المرضى.
بالنسبة للمستشفيات وضعها اخر ولا نحرج المسؤول للإقلال من وقت عباداته وندعوه الى زيارتها فيتعكر مزاجه,, بل زيارة العيادات ومن يدخلها ممن استلفوا وباعوا ودبروا أمرهم لمواجهة النازلة التي حلت بصحتهم وقوت عيالهم ..ولتكن العيادات في ساحة بيروت من بغداد الرصافة... يتباهى الطبيب فيها انه توقف عند اجرة الفحص الـ( الخمسة والعشرون الف دينار)وبوسعه ان يضاعفها مرات كثيرة ولكنه لا يفعل, فهو صاحب فضل على العراقي ,,وانه اذ يدخل اكثر من مريض لغرفة الفحص كما في المستشفى فلكي يسهل الأمر على المراجعين ولا يتركهم ينتظرون كل الليل ..وها انت ترى الزحام واختناق المراجعين بالممرات والزوايا.
أجرة الطبيب رحمة قياسا الى اجور التحليل والسونار والتصوير الشعاعي والأدوية... وان المثير للانتباه انه لا اكثر من المرضى في هذه الأماكن غير المتسولين ..وبفنون مبتكرة للتسول ,ومنها استكمال مبلغ علاج المريض ...ومن المعروف ان علاج امراض قد يكلف مبلغ رواتب الحماية الاجتماعية لعام كامل,,ومع ذلك هناك من يردد (واما بنعمة ربك فحدث )وان الدنيا بخير عميم ...وانها افضل من الماضي يوم كان (الطاغية)يتفحص افواه العجائز وحالة اسنانهم وعلاجهم مجانا ...
لا أكثر فضاضة وجلافة وانانية من كائن ينكر على الناس معاناتهم ومكابداتهم واحزانهم ..ويبخل بتربيتة ومواساة لهم ...ولعل حظوظ الأجلاف بتعب وانهاك هذا الشعب ومعاناته اهوال السنين ..وإلا لقيل ان اول سياسيين يموتون بأسنان شعبهم ... |