2-2
كل ظروف وخواص ومقومات الشعب العراقي ان ينتج ويقيم أفضل نظام اجتماعي وأفضل حكومة وأفضل منزلة دولية ...معاصرة ..إلا ان نموذجها في الميدان العسكري قد كان قطرة الماء العالقة المرتجفة وقد تكثفت فيها كل ألوان وأطياف الضوء ,وعكست حالة العراق برسوخ نزوعاته القبلية وانغلاقه عن العصر وجهله بقوة الحوار واستمرار النزوع المعروف عن الرجل اذ ينتعش ويثرى يهرع من فوره لشراء البندقية والبحث عن زوجة أخرى.. والبندقية الجديدة ان يكون كل العسكر بقبضته ..والمرأة الجديدة ان تكون كل السلطة ..وتحت ذرائع وشعارات شتى ...ولا يوجد من يجسر ويتجرأ بوصف الزمر المتقدمة للسلطة بأنها مكشوفة الأنانية والدوافع النفعية ولا تتورع عن نحر البشر لأجل تطلعاتها ونزواتها الشخصية ..وان اول خطواتها تكون نحو البندقية ونحو الجيش ونحو ما يوازيه من قوة تهديد وابتزاز ...حتى ان العراقي لم يعرف من يقدم له النموذج الوطني الواعي والنبه واليقظ والجدير بالعطاء والبناء وإقامة تجربة في الحكم وفي الوطنية الكفوءة.... وبدا عبد الرحمن البزاز كرئيس وزراء وقد جاء بالخطأ لمنصبه، بدا مضحكا وهو يصدر قانون منع الضوضاء قبل نصف قرن.
الدكتور سعد العبيدي في كتابه القادم عن سيرة الجيش العراقي التي مهدت وأفضت لنهايته الحزينة لم تكن غير المصير الذي نسجه التخلف ونزوات السياسيين وسعارهم للسلطة وتفانيهم لنيلها وعبر القوة والاغتصاب واستخدام السلاح، سواء بميلشيا تتطفل على الجيش وتزاحمه وقد تهمشه وقد يكون مليشيا بقبضة من وجدوا في السياسة لعبة وطريق نحو السلطة وعطاياها وان نحروا مشاعر وتطلعات وحيوات الناس ...ولذا وصل العراق الى ما وصل اليه من تفكك اجتماعي وقيمي ومن ضياع اكبر الثروات وتسجيل الارقام القياسية في الخراب والفساد ونسب الفقر والأمية مع تسجيل الارقام القياسية لمدخرات المسؤولين ..فقد قصد (الوطنيون)لا الثقافة والحوار واستيعاب لغة العصر ..بل قصدوا التسلح والتحصن بالمسلحين وبالجيش وبالميلشيات ولغة الانقلابات وتهديد المختلف وتصفية الخصم ..وبما اوصل الجيش العراقي ,مع اسباب مهمة اخرى ,الى نهايته الفاجعة ...في حين كان جديرا وبرأي خبراء ومعاهد دولية ومراكز ستراتيجية ..والدكتور سعد ليس بعيدا عنها, بأنه المؤهل لتصدر جيوش العالم ..وقيل,وبرغم كل ما اصابه بأنه الجيش الخامس في العالم ..ولا ندري ان كان الدكتور الباحث على دراية بالطرق الخارجية التي ازحمت بالشاحنات المحملة بالدبابات ومختلف معدات وتجهيزات هذا الجيش مع الأيام الأولى للاحتلال.. وعن انتباه السياسيين لذلك وما اذا تسنى لهم ان ينقلوا أبصارهم عما أعشى عيونهم ؟؟؟ |