شاعت القناعة بأن طاقم وحاشية ومكتب الوزير يضربون طوقا حوله أعلى واكثر قبحا وعدوانية من كونكريت المدن والشوارع... فالوزير معزول وبعيد وقصيّ عن مشاغل وطلبات وضراعات الناس وكل عويلهم وصراخهم.. فمن اين لأنينهم ان يبلغ او يقترب لجدران المسؤول؟؟ يتوجه اللوم والشتيمة والسخط على شخوص هذه المكاتب باعتبارها التي تحول دون وصول اصوات المواطنين الى أسماع المسؤول.
طلبنا الى ذاك الرجل ان يزودنا برقم هاتف السيد رئيس الوزراء.. وبرأيه ان كان مناسبا ابلاغ السيد المالكي بشعور وقناعة الصحافة بأنها تصرخ في بئر مهجور, وان مسؤولا لم يقنعها بوجوده وبإصغائه وباستجابته ...وبالتالي بعدم الجدوى وبخديعة ووهم الديمقراطية ...فجريدة واحدة في البلد مسموعة ومؤثرة, وتنتظر الجواب والإجراء والقرار الأكيد على طروحاتها, خير من كل هذا الحشد من الصحف والفضائيات التي لا تفلح في تنازل لص حقير للإصغاء إليها والاكتراث بها... وترسخت القناعة ان الجدران (المتزايدة, لا المتناقصة, في الشوارع) تقيم حول مكاتب المسؤولين اكبر وأعلى... وبدا ان هذه الكشوفات والفضائح وحتى اللعنات والشتائم لا تصل أسماع من هم وراء الجدران... ولا ند عنهم تملل واحتجاج حتى من اجل كرامتهم الشخصية ...وكل هذا بسبب البطانة وثلة المنتفعين والخبراء في خدمة المسؤول واستغلاله ....ومص حتى عظامه ...ويتداول الاعلاميون ان ما يسر ويطرب الوزير يصله, فيما يحجب عنه دون ذلك ,خصوصا ما يضرهم ويزعجهم وما لا يخدم مصالحهم..
الحقيقة الصعبة والمرة انه لا تقوم الجدران حول المسؤول ما لم يتوفر هذا المسؤول على استعدادات وميول لمثل هذه الجدران... ما لم تتهيأ في شخصيته اسس لهذه الجدران ...ما لم يكن فاقدا لأهلية وجدارة وكفاءة المسؤول.. وما لم يكن مناسبا ليكون العوبة بيد طاقمه وافراد مكتبه ...وما لم يكن بأولويات ينصرف اليها اولا ويترك لمكتبه الانشغال بمصالحه.
هل هناك من سأل سؤال الأطفال: ما الذي انجزته الوزارة الفلانية؟؟ وهل من مسؤول لا ينفلت ولا.. ولا... ولا.. وهو حر في التصرف بالأموال ولا يقدم كشفا بصرفها ...لا يقدم حساباته الختامية؟؟؟ وهل هناك في الارض اكثر صخبا من العراق بشأن الفساد ونهب الثروات وحصد الارواح وفضائح الصفقات؟؟؟
سيكون إذن اعلان للغشامة وللسذاجة ان نطالب بإزالة الجدران من مكاتب المسؤولين, ومن الشوارع، فالمبدأ المطلوب ان يعمل كل واحد على شاكلته وتبعا لمصلحته ...تمهيدا لظهور الغائب. |