سعر بيع الصحيفة لا يغطي تكاليف إصدارها... وهو حال صحافة اليوم ...وما لم يدعمها الإعلان فانه لا من يصدر صحيفة لأغراض البر والتثقيف وإعلان الحقائق ولأداء رسالة.. فهذا طرح من الماضي ..وفي عراق اليوم هو مزاح سمج وتهكم ثقيل ... إلا انه لا أكثر من الصحف العراقية ...وبما يدفع للتساؤل والى الفضول عن مصادر تمويلها ...وهذه ايضا باتت واضحة ومعروفة وعلنية ...وقد لا يقترن الاعتراف بمصدر التمويل الخارجي اي حرج وحياء ...الا ان ثمة فضيحة ربما فاتت على البعض البعيد عن هذا الحقل ...وهي المساومات والصفقات بين الدوائر المعلنة وبين الصحيفة ...فالمفروض ان يهدف الإعلان الوصول الى اكبر عدد من الناس وينتفعون منه ويتعاملون معه, بينما الذي يحدث هو ان ما يحدد وسيلة النشر.. ما يقرر الصحيفة هو نتيجة المساومة ومقدار نفع المتساومين لا المصلحة العامة ولا غايات الإعلان... ولذا يمكن رؤية الاعلان منشورا في جريدة غير مقروءة ...جريدة لا تطبع اكثر من مئات النسخ ,لا ملايين ,ولا الاف ...وجريدة خاوية بائسة ..وبوسع الباحث عن اليقين ان يسأل شركات توزيع الصحف وكذا المطابع عما تطبعه وان كانت المساومة ومنطق الصفقات قد شمل هذه المناحي ...ولو قدر ان تقوم دولة تتحرى وتتابع وتحرص على الحقيقة وعلى المال العام وقومت وضع النشر واعلانات الدوائر والوزارات لأغلقت عشرات الصحف... إلا أن الذي سيحدث هو ان الصحف الرصينة المخلصة لرسالتها الاعلامية هي التي ستضطر لخطوات لا تريدها وقرارات لا تتمناها.
اجل هناك صحف لا تتميز بكثرة إعلاناتها ولكنها مستمرة.. ومرفهة ماديا... وسرها هذه المرة في لعبها على اللصوص وتوظيف فسادهم وذلك بابتزازهم ...خبر بعيد ولا يثير اي انتباه غير انتباه وذعر اللص ,سارق اموال الدولة ...ويعقب النشر مكالمة هاتفية او لقاء وكأنه بالمصادفة, وتبادل اطراف الحديث وصولا لتقاضي ثمن السكوت وعدم النشر ...وهكذا تتعدد اساليب اللصوص وطرق نهب المال العام ...ولو ولد الجهاز الرقابي الكفء ما كانت المرحلة من حصة المقاولين والمشاريع المغشوشة والأعمال المشوهة ولما صال وجال المحتالون وكناسة الشوارع ...ولما رأينا صحيفة لا ترقى أن تكون نشرة مدرسية, بينما تشكو صحف رصينة من شحة مواردها وقلة إعلاناتها ..وتشكو من قلق القرار الخطير الذي يرى بوضوح ان الإخلاص للرسالة الإعلامية والوطنية قد يفضي للموقف الحرج... ويلوح ان قضية الإعلام هي قطرة الماء التي تعبر عن خواص كل مياه الأرض ...واعلامنا يعبر عن خواص مرحلة المحاصصة.. وشموله بموجة الفساد التي تقدمت العالم ...بيد ان النذر والعلامات ستكون من الاعلام عندما تضيق فرصة شطره الرصين ويرغم على القرار الصعب ..وهذا الشؤم سيتلاشى لو صار ما يتمناه العراقي الأصيل المحب لعراقه وللحياة وللمعرفة والجمال.... |