أقامت وكالة (خبر) للأنباء, وهي وكالة مستقلة, حفلا تكريميا لرواد الصحافة وحضره نواب ووزراء وحشد من المسؤولين والإعلاميين, ومن محبي الثقافة.. وافرد للرواد طاولة تتقدم القاعة وكانت في عيون الحضور وتتقدم طاولات المسؤولين وتحت عدسات الفضائيات.كان الانتباه إلى حجم الاهتمام بجريدة المستقبل العراقي وتردد ذكرها على أكثر من طاولة...ربما لنرجسية الأسماع والتقاطها لألفاظ وعبارات قد لا تسمع في العادة...وعلى غرار التقاط لفظ أسمائنا دون سواها، وربما تردد اسم المستقبل العراقي لان من بين المكرمين العشرة اثنين من هذه الصحيفة.. إنما الذي لا يمكن التوهم به هو إشادات تتعلق بما هو مفقود في بعض الصحف وسنتجاوز ذكرها.. وقد كانت تكريما مع سواه.. وكان التساؤل الجميل من حلقة طاولة ان كان صحيحا بان مؤسسة المستقبل العراقي هي الأسبق في الاحتفاء وتكريم الكتاب والصحفيين؟
المشهد الآخر بطله السيد علاء الحطاب, مدير الوكالة.. وتعامله البالغ التهذيب مع ضيوفه, وخصوصا مع الرواد وتصرفه ببنوة وبر كبير معهم, في وقت اقتنع الرواد أنهم مع ابناء عاقين وبخيلاء تافهة. وبين نماذج رسمية يبدو عليها أنها الأبعد عن الثقافة وعن رسالة الإعلام... وهي ملامح تندرج ضمن قبح بعض الجهلة ممن وجدوا في الاعلام ميدانا للاستثمار وللمضاربات والنهب وان كانوا لا يجيدون قراءة الصكوك وأرقام الأرصدة... وارتفعت أصوات بعض الطاولات بان رئيس مجلس أدارة الصحيفة التي يعمل بها يستعصي عليه فهم المقالة فيأمر بطرد هذا المزعج.. ومن هذا الصنف من لم يغير أو يحور من ممارساته في النصب والاحتيال ...إنما هذه المسامع والقباحات يرافقها أمل بالتصويب والتصحيح وان القلوب وان كانت تحترق إلا أنها حية ولم تزل مليئة بالأمل وترى وراء الطائفية الإعلامية, ووراء الإعلام الحكومي طاقة لصوت العراق آتية ...وإذا لم يكن بين الرواد المكرمين من يعمل في الإعلام الرسمي.. ولم تحتف به المؤسسة الرسمية فربما انسجاما ونزوع وطبع الصحفي الذي يتحسس من أية سلطة... فكما ان المثقف مشبوه دائما من السلطة فان المثقف ينظر لغير الحرية بشبهة وريبة وامتعاض.. ويعرف ان من يتباهى بالسلطة لا علاقة له بالثقافة, وانه فيها لغم.. وتلك قناعة الكثير من حضور الحفل.. وما الذي يحلم به الصحفي أكثر من عيد وبهجة التفاهم والشغف بالحرية وروادها المحبين دائما...؟؟؟؟
المشهد الأجمل أن يشق ذلك الشاب طريقه نحو المنصة ويدرك احد الشيوخ ليعرب له عن إعجابه الكبير بكل ما كتب, من أول حرف إلى آخره... والشيخ يكتب من نصف قرن ..وكتاباته ليست فقط صعبة ومشاكسة لكل سلطة للاميين.. بل وصعبة في مضامينها وإبعادها الثقافية والفكرية.
الغريب ليس في واقعة الاعتراف الرائعة بالإعجاب.. وان كان هناك من يجزم ان لا جزاء ولا مكافأة ولا تكريم اكبر وأفضل من طرب الكاتب على أصداء كتاباته لدى قرائه.. الغريب ان هذا المعجب (..) يعمل في مجلس الوزراء ...ومع قناعة أن من يعمل في هذا المكان يواصل الانقطاع عن ناسه وبتبديل هاتفه لرغبته الاختفاء عن الأنظار (والتكليفات) والحاسدين.. فالثقافة إذن لم تلفظ أنفاسها, وان تردد أن إجراء سيتخذ بحق حرية الرأي والتعبير لم تجرؤ على اتخاذه اكبر الدكتاتوريات.
|