لا يليق بالمرء أن يشغل موقعا أو منصبا غير قادر على النهوض بمسؤولياته وإشغاله بكل أبعاده.. ومن الشرف والكرامة والكبرياء ان يعتذر وينسحب منه اذا عجز عن ذلك ولاي سبب كان .. والا كان دمية.. وربما مجرد طرطور موضوع على كرسي, ولم يستمر الا للامتيازات والوجاهة ولكل عوامل الدناءة وانعدام الإحساس.
يمكن ان تنزوي أو لا تتضح عيوب ورذالات ودناءات الشخصية الى ان تتعرض لموقف يكشفها, لذا يقال ان الدنيا موقف والرجال في المواقف ولا افضل من الموقف من المال والسلطة والمنصب..
حتى وجد ذلك الصوفي ان يكون الاختبار في السلطة قائلا انه إذا رأينا التقي قد بلغ من ورعه وزهده وتصوفه ان صار يطير في الهواء ويمشي على الماء فعلينا أيضاً إلا نعبأ بذلك إلى أن يأمر وينهي أي يجلس في كرسي السلطة...
ففي اية خانة إذن يوضع هذا الذي صار دمية ولا يحل ولا يربط؟ وماذا يسمى هذا الذي ثمل بكرسيه ولم يتذكر الإصغاء لمطالب هذا الكرسي؟؟؟ هذا النموذج قد يحتاج لقرون فبل ان يراجع نفسه ويعترف لها انه كان طافحا وثملا بعنوانه ولم يتذكر للحظة بان عليه أن يعمل وان يعطي لوظيفته ولمنصبه حقوقهما وما ينتظره المجتمع.. فهل هناك جوع وضآلة ودناءة أكثر؟؟؟
في عراق اليوم, عراق المحاصصة والمغانمة.. وفيه لحملة البنادق صوت وقرار يصعب احيانا ان يؤدي المرء مهمات منصبه بشرف...
واضطر ذلك الذي وجد نفسه يعمل مع اكثر من وزير وأكثر من متنفذ ان يغادر وظيفته الرفيعة المجزية مرات كثيرة لاصراره على ان يملأ وظيفته ويؤدي كامل واجباتها, والا فانه لا يحرص على ما سواه...
وهكذا غادر مناصبه مرات ولم يغادر كبرياءه وشرفه كانسان ومواطن...
وهنا يخطر على البال الإنسان الأوربي الشحيح الحديث عن شرفه وكبرياءه وعزة نفسه ولكنه يغادر أعلى وارفع المناصب اذا نال او تسبب في خدشه وبلا اي ضجيج...
ونحسب ان من فعلها, ومنذ الاحتلال قلة, منهم الدكتور عادل عبد المهدي والدكتور عبد الباسط تركي.
المشكلة ما بعد الاحتلال ان الأمريكان قد بذروا ما تكدس بيادر.. وجاء الى السلطة جياع للسلطة لا جياع لعمل الخير ومساعدة الناس على عيش أفضل.. والى تقوى اكثر بهاء ونورا وجذبا للبشرية...
والآتي الى نفسه غير الاتي للمجتمع... وعندما يظفر بالكرسي يكون قد امتلأ به ,وان (قضيته) قد تحققت ولا يخطر له ان يلتفت الى الناس والمجتمع والوطن ..لذا ظننا ان هذا النموذج قد يظل غافلا رسالة المنصب والى يوم القيامة...
وها هي النتائج على هولها لم توقظ مسؤولين الى انهم في حقيقة الامر مجرد دمى مهلهلة ...وغائبة عن الوعي خارج الكرسي ....
وقد تفلت منه ما يشبه صحوة الموت ويعترف انه لا يدري بما يجري وراء باب مكتبه. |