وزير سابق, يتحدث بما يدعو للتعرف إليه مجددا.. انه ليس هو عندما كان بالمنصب, وبدا عراقيا بعمق, وسياسيا ناضجا, وبرؤى وتصورات تبعث على التفاؤل، يتحدث بروح المواطنة وبمبادئها وينتقد سياسيي ما بعد الاحتلال كونهم يعيشون في الماضي بكل مراحله وبمختلف مواضيعه واهتماماته، ولا يدرون ان الحياة تتجدد ومليئة بإمكانات العمل والبناء والتواصل.
الوزير السابق يقدم بطرحه مصداقا لتلك الإمكانات الحياتية، ويذكرنا اننا في عصر الكومبيوتر، ومفردة (الفرمتة) او التصفير للبدء من جديد على اسس أفضل، لاسيما في العراق وتجربته المريعة وقيامته القائمة منذ الاحتلال وتكفي الساعة منها لإنجاب حكيم او لولادة مسخ, فاللحظات حبلى دائما وولادة باستمرار, ولا من ثبات، وهذا الوزير غيره الآن، وبات ممتلئا بالسلام وبالعراق ووضع المرتابين بهويته في حرج ومراجعة، وربما للتساؤل عما منعه من اشاعة وتطبيق مبدأ المواطنة عندما كان وزيرا، ولماذا لم يدعو لتحريم الطائفية والعنصرية التي يتحدث بها اليوم خارج السلطة.
معروف ان النظرية غير التطبيق, وما يفكر به السياسي وهو خارج السلطة غير ما يراه وهو في ميدان التطبيق، والقائد من يثري فكره ورؤاه وبرامجه بامتحان نظريته عبر التجربة، ولا يصر, ولا يتحامق بتنفيذ ما لم يعد واقعيا، والاهم فان القائد هو الذي تهديه موهبته وتجذبه كما المغناطيس الى التسامح واكتشاف مزايا وهبات هذا التسامح، وان يقدم للحاضر متطلباته وان يجيد استخدام لغته، ولغة سياسة اليوم اقتصاد ومجاراة حركة العالم المتسارعة، وإدراك ان اليوم قادم للإنسان الأرضي، المواطن الأرضي، وعصر التواصل يمهد سريعا لوحدة البشر، ولا مجال للتريث عند سنة مضت فما الحال والوقوف عند عقد مضى، بل وقرون مضت؟؟
الوزير السابق يخبرنا انه لا يصلح للعصر من توقف عند التعصب بكل ضروبه وأنواعه، فذاك ضعف وجهل وغشامة في فهم السياسة وفي لغة العصر، ومن لا يجيد التجاوز والتسامح وفهم ان الحياة تتغير وان الناس يتغيرون, لا بالمعنى الانتهازي فان العصر يتجاوزه, وهذا هو المصير المتوقع لحشود من البشر حسبت على السياسة، وتلك التي أوهمت حتى نفسها بإخلاصها لتقواها, بينما تستقتل لمنافعها وامتيازاتها، وهل تتعايش الكراهية وعار الرغبة بالانتقام مع التقوى؟؟ وهل يكره من يمتلئ قلبه بالنور؟؟؟
فاللعنة التي سماها الوزير السابق هي عيش بعض السياسيين في الماضي، وكان يمكنهم في احد الأمور ان يصدروا قانونا بتحريم وتجريم الطائفية والعنصرية في اي من يقترفها, وفي أي وقت, في الماضي والحاضر...
الوزير يقولها الآن, ولم يقلها من على منصبه، ولا نتوقف عند هذا السؤال, بل نقول انه قال حقيقة ربما اكتشفها خارج المنصب ..وربما يعرفها من قبل وما عاد الان ليخشى الخسارة.وهذا وزير سابق آخر, يوفر لنا فرصة سعيدة للتعرف إليه مجددا..
ونطمئن الى ان في العراق من يبكي فرحا إذ يقدم لشعبه ما ينفعه وييسر له حياته، وربما يبكي لصورة العراق المفتت التي تتراءى له.. بعد تقسيم سوريا..
وقبل هذا تحدث عن غياب البرامج والخطط ومبدأ الحكومة بتعلم الحجامة برؤوس اليتامى، وبما يفسر التشاؤم. |