الناس يختلفون, يتباينون.. يتصادمون, يتعانقون, يلتقون, يكرهون, يحبون وبالوان وطبائع وقناعات مختلفة وبزوايا نظر متباينة, وانهم يتوهمون ويضلون ويهتدون, وانهم فرديون واجتماعيون, وينطوون على الخير وامكانات للشر... وقانون الحياة هو الجدل او الديالكتيك والتفاعل بين النقائض لتوليد الارقى... ولهذا كانت الاديان وحركات الاصلاح والتنوير.. وقامت الحكومات لادارة هذه المنازع والاتجاهات المتباينة والمتنافرة والمتعارضة..
الوعي والثقافة والتجربة ودرجات النضوج تنقل الافراد والمجتمعات من وضعها البدائي الى نطاق السيطرة والى جدل بناء ومبدع ومتحضر ومتمدن... تنتقل الى عصر المجتمع المتفاعل والذي يحترم حرية الفرد.
ثمة من لاحظ ان العراقيين لم يغادروا مواقع الغريزة صوب الوعي وفهم الحياة وظلت هذه المواقع مؤثرة في سلوكه وتصرفه وقراراته.. وكنا قلنا ان العراقي اقرب الى طبع القطط, من جهة عدم صلاحيته للعمل في فريق او الانتظمام في قطيع حتى تفاخر وتباهى بعضهم بانه لا يعترف بشيخ للعشيرة (لابدوافع حضارية وانسانية بل لتضخم الذات ) ,فكل واحد شيخ نفسه....وبما يعني بعده النسبي عن روح العصر وبقاءالجدل وتناقضات الحياة خارج السيطرة ...نسبيا ...
وبما اقنع المراقب الاجتماعي بتوقع الخلاف في اي تجمع وانفراط عقده اسرع من نظيرة في مجتمعات اخرى ...وبلغ عمر احزاب امريكية واوربية لم يصلها اي حزب عربي ,او عراقي على وجه الخصوص ,وبما اغرى ,المراقب ,لتوقع قصر عمر الاتفاقات وديمومة وقت الفريق ...وستتولى النزوعات الفردية ,وطبع القطط للتفرد والاستحواذ .....وهل اسوأ من نتائج تجربة المشاركة السياسية العراقية؟ والنصيحة الشعبية لمن يحرص على صاحبه الا يدخل معه في شراكة ...
وينتظر الخبثاء ,ويتذرعون بالصبر على خصومهم السياسيين ويراهنون على الزمن في فرط عقد وحدتهم وتعاضدهم ...فالخلاف ات قطعا ولا يحتاج لاكثرمن صبر...وسرعة الخلاف تتوقف على مدى نضج الخصوم وروحهم الاجتماعية وعلى قوة ايمانهم بقضيتهم وعدالتها... وقد اقترنت الحكمة والصبر والجنوح للتفاهم والسلام بكبر السن ,او بعمق الثقافة وصفاء النظر..وبقدر الابتعاد عن الطبع البدائي في الغزو والاغارات والحروب بين الاقوام..وهذا الذي بلغته المجتمعات الاوربية التي لم تقبل المختلف فقط ,بل وطلبته واستدعته واغرته بالبقاء في ربوعها بقصد التفاعل والثراء ومعرفة بعد جديد في المعرفة والتصور والممارسة ...ويدين السياسي اللاجيء الى اوربا ..وهو البوذي او المسلم او الملحد الى هذ ا الفهم المتقدم للمختلف ولاي ا خر ,بينما لا يغامر ,المراقب ,حين يتوقع الخلاف في اي مجتمع وتجمع وتنطيم عربي ...وسيكون اكثر ثقة اذا تعلق الامر بالمجتمع العراقي لاقترابه من طبع القطط التي يصعب ان تتحرك بقطيع ,او تنتظم في فريق ...وان الخلاف ات قطعا ما لم نصدر عن فهم غير مناسب ..واننا غفلنا بعض الحقائق ...
|