«2-2»
مشرد اندفع مع الحشود, إلى المصرف ووجد انه لا يحمل صدقة من المحسنين, بل كيسا كبيرا محشوا من أوراق النقد سيبقى ذاهلا لأمد بعيد وقد لا يوافيه الصحو الا بأولاده أو أحفاده.
وممحو وبائس ويرى في علاقته بشرطي المنطقة بمثابة جاه وسلطة وموضع تباه وفخار, ويجد انه وعلى حين غرة وقد وضع النجوم على كتفه, بل ويغدق على هذا وذاك بالرتب والألقاب؟
ولكن, ما الذي حصل لذاك الذي حلم أحلام يقظة وخطط ونفذ فتحقق له ما صدمه وما لا يمكن استيعابه ولا فهمه وقد تجاوز وتخطى حتى أحلام يقظته ونومه؟؟؟ وما الذي سيولده من ردود فعل ومن واقع على الأرض؟
يقال ان من الاميركان من اصيب بالذهول لما حل في يده من كنوز وثروات وانه حين يحين موعد كشف الأسرار سيذهل البشرية بالمشردين وصنوف المجرمين من العراقيين والأميركيين ممن صدمتهم واعشت ثم اعمت عيونهم خزائن ومجوهرات بلا حدود ..وكذا سلطات يعجز عن تصورها كتاب الخيال المنفلت ...
وسيجدون باعثا للتفاؤل بكل هذا الفساد والسرقات ونسف المقدس من اساسه وقلبه ما دام في الحدود التي لم تبلغ نسف العراق وتذريته هباء ولم تقشط الافق ولم تقم القيامة بعد ...ولا يعني شيئا عدم انجاز التيار الكهربائي بكل هذه العشر سنوات.. ولا تزايد المشردين والمتجاورين والاميين وصنوف الأمراض.. فما جرى حري وجدير ان يمحق أمما وثروات ومقدسات.. فهناك ذاهلون ولا امل بصحوتهم الا بأحفادهم ...
وان البرنامج الذي تأسس على استثمار الجهل والخرافة وخزين الكراهية قد صدم بدوره مراكز تقرير مصائر الشعوب ... والاكيد ان ما حدث في العراق اكبر من تفجير نووي واكبر من فضيحة كونية عن أسلحة دمار وعن الأكاذيب والإجراءات اللاحقة لم توقظ اللصوص الجياع لكل شيء ولا امل بيقظة قريبة...
وبدا لعقول في المجتمعات المتطورة والمتقدمة إنها تؤدي خدمة جليلة للإنسانية اذ تطهر الارض من الفايروسات وكل ما يضرويفسد البيئة وان الانسان اكثر عناصر الخطر ان كان رث الافكار وموبوء بالكراهية..
والافضل مساعدته على افناء نفسه بنفسه ...وهل هناك من يأسف على قضاء الكراهية على حملتها ..وعلى رثي الافكار والقناعات وهم يفجرون أنفسهم بأنفسهم... وعلى عميان وجشعين يموتون تخمة بين من يموتون جوعا؟؟؟
المنظمات الدولية.. وعلى التأثير الاميركي عليها لا تخفي حقيقة صدارة العراق لكل ضروب وانواع الفساد والمتاعب دون ان توقظ بعض السياسيين على الفاجعة, ودون ان تشعرهم بالحياء من التظاهر بالتدين والتقوى ..وبلغ ببعض رجال الدين ان يتطلعوا لنجومية الفنانين.
ولكن من شأن جدل الحياة خلق النقائض ...
وهذه الرثاثة والبلادة والنهب غير المسبوق قد بلور وجلى شخصيات رصينة وعميقة وراقية وزاهدة وتجد قوتها بالتلاحم مع الاخر والتفاعل والتحاور معه ومحبته وتعد بحسم مذهل في العمل والانجاز. انما السؤال عما سيعانيه رجال الاستثناء وقادة المنعطف. |