كثيرا ما يقع الخلط بين (موريشيوس)، الجزيرة السياحية ذات الطبيعة الساحرة في المحيط الهادي، وبين دولة (موريشيوس) المطلة على البحر العربي، وذلك بسبب الشبه الكبير في تركيبة حروفها، وطريقة نطقها، وهذه الدولة ذات الأغلبية المسلمة خضعت للاحتلال البرتغالي، ثم استعمرها الفرنسيون قبل أن تنال استقلالها منتصف العقد الخمسيني من القرن الماضي، تبلغ مساحتها 3800كم، وعدد نفوسها يتجاوز (30) مليون نسمة ولذلك تعد من الدول المزدحمة سكانيا، وتعتمد مواردها المالية على السياحة وزراعة الفواكه وصيد الاسماك والرخام والفوسفات. وموريسيوش جمهورية تتبنى النظام البرلماني، وتجري الانتخابات فيها كل (7) سنوات، ومن النادر أن يتغيّر أعضاء البرلمان دورة بعد دورة، فمنذ عام 1993، حافظ البرلمانيون أنفسهم على مقاعدهم باستثناء عضوين فقط بسبب الوفاة، وعلة ذلك ان المجتمع برغم التباين في انتماءاته الدينية، الا انه يتميز بتركيبة قبلية متعصبة، فهناك (3) قبائل رئيسية، تعد هي الاكبر عددا ونفوذا، تستحوذ على (55%) من مقاعد البرلمان والمناصب الحكومية، مقابل (45%) من المقاعد والمناصب تتوزع على 29 قبيلة صغيرة، ومع ان عموم الشعب يعاني من مشكلات جمة سواء على المستوى المعيشي ام على مستوى الخدمات، وان هناك نسبة من المواطنين تصل الى (39%) ويعيشون تحت خط الفقر، الا انه (اعني الشعب) لا يغير قناعاته انتصارا لانتمائه القبلي، وهو الأمر الذي ادى الى فشل القوى الليبرالية والعلمانية والمثقفة والتكنوقراط في الدورات الانتخابية جميعها، لانها لا تخفي رفضها الشديد لسيادة المنطــق القبلي على مقدرات البلاد ! على ان ما هو اغرب حقا يكمن في إدراك المواطنين، انهم في الوقت الذي يعانون فيه من شظف العيش وسوء الخدمات، فان أعضاء البرلمان بصورة عامة واعضاء الحكومة بصورة خاصة، يتمتعون برواتب ومخصصات وامتيازات جعلت منهم (طبقة) ارستقراطية بيروقراطية، فالمدخول السنوي الإجمالي لعضو السلطة التشريعية او التنفيذية يتراوح بين (200 ـ 230) الف دولار بينما يتراوح إجمالي مدخول موظفي الدولة بين (3 ـ 4) الاف دولار سنويا، والاغرب ان قانون حماية المواطن من (اسماك القرش والامراض النفسية) ما زال في اخذ ورد بين السلطتين التنفيذية والتشريعية منذ خمس سنوات، في الوقت الذي شهد فيه عام 2012 وحده، صدور 3 تشريعات تخدم اعضاء السلطتين، لعل اهمها التشريع المعروف باسم (تجميل الخلقة) على نفقة الدولة، مثل (تقريم) الانف الكبير او زرع اسنان لذوي الاسنان المتراكبة، او ازالة النمش والتجاعيد، او شفط لشحوم او نفخ الشفتين .. الخ، وهناك الكثير من العجائب في هذه الجمهورية التي تعد من ذوات الاقتصاد العالي، الا ان ما يثير الدهشة، هو خمول شعبها وعدم احتجاجه واعتراضه كما تفعل الشعوب الحية، ولذلك قلت لنفسي: حيل وابو زايد بيهم، ويستاهلون اكثر!!
|