في ظل الشراكة التجارية التي توشك على الانقضاض بسبب التخوين المتبادل، وانعدام الثقة بين أطرافها، حتى تعدى الخلاف حدود الربح والخسارة، وبلغ مبلغ التهم على وفق المادة (4) مرةً، او الارتباط بالأجنبي مرة ثانية، او الاعتداء لانقلاب عسكري مرة ثالثة.. وفي عصر لا يحصل فيه خريج الجامعة على وظيفة شرطي، الا بوساطة حزبية متنفذة، او رشوة (معتبرة)، أقول: في هذه الاجواء اختار الزميل (حسن عبد الحميد) الشخص غير المناسب، ونشر مقالة في جريدة (المستقبل العراقي) الغراء، تحت عنوان (كاتب عراقي اسمه.. حسن العاني) وأغرقه ببحر من المدائح لا يستحقها، وقد فاته أن الكاتب المذكور لا يدفع دنانير الذهب لمادحيه، ولا يهبهم المناصب الرفيعة ولا الأراضي الفارهة، (ربما) ليس لانه شريفا عفيفا بالضرورة، بل لأنه يعاني من أزمة فقر مزمنة، فأية غرابة يا ابن عبد الحميد الثاني، انك لم تسخر قلم الثناء لصدام حسين الذي كان سيطبطب على كتفيك بعد كل مقالة ويقول (أعطوه الف الف دينار)، ولا لاحفاده الذين باتوا يتسابقون على شراء الاقلام والذمم بالمناصب والدولارات والوعود، وتختار رجلا لا يهبك أرضاً ولا بستانا ولا مالا، هل هي سذاجة مثقف ام عفة زاهد ام اشارة ذكية الى ان الذين لم تتلوث ضمائرهم ما زالوا احياء يقاومون عصر التساقط على موائد السلاطين؟! انت يا مولانا تدعو من يعنيهم الامر للاحتفاء بحسن العاني وتاريخه ومواقفه المبدئية ومنجزه الإبداعي على مدى نصف قرن، وهذه دعوة كريمة تثير نرجسية الصوفي، ولكنها في غير توقيتها ولا زمانها، ليس لان أولياء الامور مصابون بالصمم، بل لأنهم يعيشون عصر الاستماع الى ما يحبون سماعه، وما يدغدغ أهواء النفس عندهم ويطرب الروح، وان صدر عن الاقزام والطارئين وأصحاب الربابة التي تعزف في عرس الظالم والمظلوم، وفي كل زمان واوان، فماذا يجدون عند حسن العاني، واي صوت من أصواته يشنف اذانهم، وقد شاءت تعاسة حظه ان يولد كارها لأصحاب الكراسي العالية من السفاح إلى الأسد، ومن معاوية الى محمد مرسي، ثم تأخذك براءة المثقفين وطيبة نواياهم، فتدعو نقابة الصحفيين للاحتفاء بحسن العاني و(ان تسمي باسمه إحدى جوائز الفنون الصحفية ـ العمود مثلا ـ تقديرا له وعرفانا بما قدم منذ اكثر من نصف قرن) على حد تعبيرك، ولو كنت تدري أن النقابة لا تقرأ جريدة ولا تحترم عمودا ولا تكرم مبدعا ولا ترى غير مريديها، وإنها انضوت تحت أجنحة السلاطين، ولو كنت تدري ان النقابة لا تدري ان كان حسن العاني ينتمي الى قبيلتها ام الى قبيلة عبس او ذبيان، بعد ان فتحت أبوابها أمام كل عابر سبيل وكأنها تكية خيرية، لما آثرت مواجع الرجل .. فهل احد أوحى إليك يا سيد الغفلة والطيبة ان تشعل حرائق الخزن في روحه ؟!
|