الكاتب : حاتم حسن

وعي الذات وفهمها وإدراك عناصرها ومكوناتها, قدراتها واستعداداتها ومميزاتها, شرط أول للنجاح والتقدم في الحياة وللعبقرية، ويقرن خبراء الشخصية بين درجة التفوق ومدى وعي الذات، وبالمنظار ذاته يرون الشعوب والمجتمعات والأمم... ومن المألوف, في المجتمعات المتقدمة أن يعترف المرء انه بخيل او متردد او ينطوي على رغبات وميول شاذة.. وقد يكون أحمق.. وبهذا الوعي الشجاع يخفف من سلبياته ويسعى للتوافق مع المجتمع ...وهذا حال تلك الشعوب.
في المجتمعات التي تجهل نفسها تتواتر صور المفارقات فيظن الرعديد الجبان انه بطل ومقدام, او هكذا يزعم ويعتقد ومثله البخيل والاناني والعدواني وحامل العقيدة والفكرة والمبدأ... واذا ظلت اماكن العبادة محترمة حتى في الحروب فلا تضرب ولا تقصف من العدو, مهما كان دينه وبما وفرت, وعلى الدوام ملاذات آمنة للشعوب فان المتخلفين, وان ادعوا التحضر والتقدم والحضارة والعراقة, بل والتقوى والحفاظ على بناء الله, الانسان, فان هذه الأماكن بلا مكانة ولا حصانة ولا قداسة... وقد تداول الناس حكايات وضع المصاحف للتعلية وكسلالم للوصول إلى ما يغري بالسرقة.
بحسب معلوماتنا واطلاعاتنا فان الشعب الوحيد الذي فيه من يسرق بلده مع اول فرصة سانحة هو الشعب العراقي.. وقد خسرنا الكثير جراء الإفصاح عن هذا الرأي... ففي العراق وحده تكررت اعمال السلب والنهب لممتلكات الدولة...و... وما اللغط اليوم عن نهب الدور والقصور والأملاك والثروات العامة الا استنساخ لما حدث من قبل مرارا...
وحدث مع اوقات الاحتلال الاميركي الاولى, وما اصطلح عليه بـ(الحواسم) الذي توقعناه في وقتها بتناميه وتدرجه ليشمل الارض وتحتها وفوقها.. يشمل التاريخ والجغرافيا والسماء... وانه, والحالة هذه عمل نمطي وروتيني ولا يستدعي لدى اللصوص غير الإحساس بالشطارة والدهاء.. ولا يحرك فيهم الشعور بالمفارقة بين شعارات وبين وقائع, لأنهم الابعد عن رؤية انفسهم ورؤية الاخرين..
لذلك على من يضع لهم المرايا أمام وجوههم أن ينتظر تكسرها وتشظيها بوجهه... وليبتلع لسانه ويصفع نباهته إن قال إن مواقف عامة وشعبية بالغة الروعة اطاح بها الغوغاء ومسخها اللصوص وهواة القتل...
فثمة من ترعبه الحقيقة, ومن لا يستطيع ان يرى اطرافها وخيالاتها... ولانه (كيفما تكونوا يولى عليكم) فقد كان بين الولاة لصوص ومن الصنف المجبول على جهل نفسه وغيره والحياة ويجسد التطابق مع تخلفه وعوقه.. ولا احد يدري كيف للمجتمعات الاوربية لا تختنق بعفن هذه البهائم التي لاذت بها هاربة اليها محملة بثروات مخطوفة من افواه جياع مواطنيها.
طلع علينا أكثر من تفسير لظاهرة جهل فئة من الناس لنفسها ولما تسلكه وتفعله ولاعمال النهب للاملاك العامة.. ولم تكن مقنعة تماما إنما تؤكد وجودها, وهو وجود يراه المثقفون ومن قرأوا تلك التفسيرات... والاكيد بان العلاج لهذا المرض بمعاينته ورؤيته وتسميته... فهل من ضمان لقائلها ومسميها؟؟؟