انه رجل مذهل حقاً، وربما غريب الى حد بعيد كما يصفه البعض، ففي بيته غرفة جعل منها مكتبة خاصة، لا تشبه المكتبات المتعارف عليها لأنك لا تعثر بين محتوياتها على كتاب ينتمي إلى الشعر أو الرواية او القصة او المسرح او الادب عموماً، وهي خالية كذلك من الكتب الفنية او العلمية او الفلسفية او الفكرية.. ان كل ما هو موجود على رفوفها عبارة عن وثائق ومطبوعات ونشرات وكراريس صادرة عن مؤسسات الدولة او المؤسسات الجامعية والبحثية، وجميعها تعنى بالتقارير الإحصائية والرقمية، على غرار عدد النخيل في كل محافظة وأنواع التمور، وعدد المدارس لكل مرحلة وعدد المعاهد والكليات والجسور والشوارع والمركبات والحدائق والساحات والتقاطعات والنصب والتماثيل والجداريات ودور الايتام والملاعب الرياضية والاسواق والمحاكم والسجون والاسواق والحمامات ... الخ. وتضم المكتبة كذلك عددا كبيرا من الصحف التي تتناول مثل هذه الارقام والاحصاءات، زيادة على 98 سجلا يدون فيها مشاهداته الخاصة وما يسمع او يرى او يقرأ في وسائل الاعلام، ولم يكتف الرجل باللغة الرقمية العامة، بل تعداها الى الارقام التفصيلية وما يرتبط بها من معلومات، من ذلك على سبيل المثال، انك لا تجد في مكتبته عدد السدود او الجسور فقط، انما تحصل كذلك على ارقام وافية عن اطوالها وعدد دعاماتها وابوابها ومدة العمل فيها، وغير ذلك والامر نفسه بالنسبة الى الجامعات او الاحياء السكنية او دور العبادة، مع دقة رقمية في تأشير الزيادات السنوية! لعل الرجل يشبع هواية شخصية، قد تبدو للبعض جنونية، ولكنها بالنتيجة مفيدة ومهمة على ما فيها من متاعب جمة تقتضي المتابعة والتنظيم واعداد الفهارس، واظن ان ابرز ما يميز جهده، هو التعامل مع أرقامه بطريقة علمية محايدة، من دون أن يُبدي رأيا، فحين يتناول مجلس الحكم بعد 2003 مثلا، يذكر اسماء الاعضاء واعمارهم وعدد الايام التي أمضاها كل واحد منهم في الرئاسة، وحين يتناول (الخضراء) يذكر أرقاماً تفصيلية عن عدد الموجودين فيها، وإعداد حراسها وكلابها وسوناراتها، ويفعل الشيء نفسه مع رؤساء الوزراء الثلاثة (علاوي ـ الجعفري ـ المالكي)، حيث يذكر مدد حكمهم ورواتبهم ومخصصاتهم وقوانينهم وانجازاتهم، ففي بغداد وحدها مثلا، يشير الى ان مدة حكمهم شهدت بناء (5) مجسرات واكساء (6) شوارع رئيسة و(58) حيا سكنيا، وتشجير (216) جزرة وسطية وانشاء (223) بناية مدرسية، وترميم وتأهيل وبناء (46) مجمعا حكوميا.. الخ وبالحيادية نفسها نطالع ان نسبة الفساد المالي في دوائر الدولة بلغت (38) مليار دولار، أما في مجال الملف الامني (بغداد فقط) فتم إلقاء القبض على (924) ألف إرهابي ومشتبه بهم، وهناك (2113) مفخخة و (4017) عبوة، و (849) عملية انتحارية و (1943) ملثما لاذ بالفرار، و(512) سيطرة و (8124) جدارا كونكريتيا و(12) ألف زقاق مغلق، وفي حصيلة أولية هناك (2812) جثة مجهولة الهوية و(66) الف شهيد و (195) الف جريح، وما زالت أعداد الشهداء قابلة للزيادة !!
|