ما زلنا نتشبث بالطرح الثقافي في محيط تتسرب منه الثقافة وتهبط مناسيبها، ويلوح القاع، فنؤكد ان المواطنة مقتولة والى حد بعيد في العراق، واسمينا عراقيون كثيرون بالمتساكنين... واشبه بنزلاء فندق اقصى مطالبهم واحتجاجاتهم لا تبتعد عن مطالب واحتجاجات نزلاء الفندق المعروفة، ولهذا اسباب معروفة أيضاً، من حروب ومجاعات وخوف ومحن تكفي جزئية منها لتمزيق أفضل وأقوى مجتمع، وبما اوصله في نهاية المطاف الى ان يخاف من نفسه، فقد الكثير من وده للاخرين وثقته بهم، وسعى للابتعاد عنهم، وهذا يكون على حساب نزوعه الاجتماعي، وخنقا لغريزته الاجتماعية، ومقاساة لبرد وصقيع في الروح، وقد لاحظ علماء الاجتماع من قبل هذه النوازع الانسانية المتعاكسة، او المتضادة، ومثلوها او شبهوها بحالة القنافذ، فالقنفذ الخائف يدخل في جسده الشوكي، وهذا هو عراقي اليوم يكاد يدخل جسده وينغلق عن اناس كثيرين.. ولكن القنفذ المنفرد يبرد فيطلب الدفء فيقترب من القنفذ الآخر.. الا ان اقترابه يسبب له الاذى وتوخزه وقد تجرحه أشواك وحسك جلد ذلك القنفذ ولا حل الا بضبط المسافة والحصول على الدفء دون بلوغ الاحتكاك الجارح، الا ان من العراقيين من ابتعد أكثر متحملا صقيع ووحشة الوحدة والعزلة خشية ما يتوقعه من الاقتراب، وهو ابتعاد، ربما جرى بذات الآليات الغريزية للقنفذ، ووضعت العراقي دون ان يدري في وحدته، وابتعاده. الدكتور احمد الجلبي، القطب في النخبة السياسية ، يعترف ان امريكا لا يعنيها العراق بعد، او لم يعد يعنيها امره، بل انها لا تحترم شعبا صامتا كل هذا الوقت بلا كهرباء، والحقيقة انه ينزف ويراق دمه بدم بارد، وتباد حياته بعد دخولها طرفا في معادلة السلطة، وحصاة في إسفلت تبليط طريق المنصب.. فهو شعب ظاهرة، شعب ستتسلط عليه عدسات ومجاهر التحليل، وتنصب عليه الدراسات والبحوث، لان شعبا حيا وعريقا وبالغ الذكاء وغزير المواهب لا يبلغ ما بلغه بلا أسباب وظروف خارقة واستثنائية وبالغة القسوة والتوحش، وجراء تراكمات وتجارب مريرة ولا إنسانية، وصار هو ذاته جزء مما يؤدى على مسرحه من اللامعقول السياسي.. وبدا ذاك العشائري والطائفي وقد اطمئن ووثق بذاك المعلن الولاء لدولة أوربية وحامل جنسيتها، مثلما بدا الجائع المدقع متواطئا مع من ينهبون الثروات ولا يتذكر المهزلة قبل مرور عشر سنوات، ومثلما عرف بكرمه وشجاعته وتجاوزه لاعتبارات كثيرة، جعلت لليهود، قبل عشرات ومئات السنين، مكانة اجتماعية وسياسية رفيعة وفق مبدأ المواطنة، ليعود في عصر الانفتاح والتواصل والديمقراطية شيعيا وسنيا....والى آخر المتناقضات والعيوب.خلاصة العلة في غياب القدوة والامثولة والقائد ومن يثق به المجتمع لكي يعود ويثق بنفسه... وهذا ليس تبسيطا، فعندما بزغ الرجال، على قلتهم، التف الناس حولهم.. ودخلت اللمسات والملامح المشرقة على المشهد، فيما بقي من (تقنفذ) ينظر بسأم ويأس من داخل جلده الشوكي الى الساسة يقولون ما لا يفعلون.. يعانون من الغثيان لانبعاث ما يحتقر العقل والانسان وحياته... والاكيد ان اكبر واوسع الدراسات القادمة ستتركز على شعب عظيم وما جرى له ودفع بعضه لدخول جسده الشوكي.
|