على وجه العموم لا تعتمدوا على ما تقدمه الصحف ووسائل الإعلام، وعلى وجه الخصوص لا تقيموا وزنا لما تعرضه الفضائيات، لان الحقيقة تختبئ، في مكان آخر، وليس ادل على ذلك من المعارك البرلمانية، التي نقرأ تفاصيلها او نراها مباشرة على الشاشات، سواء كانت تلك المعارك كلامية، لا تتعدى اللسان، كأن يتبادل النواب ما هو أقسى من السباب والشتائم والالفاظ النابية، وذلك بتبادل تهمة الارهاب او العمالة لهذا البلد او ذاك او الفساد المالي ـ وبعض هذه التهم عقوبتها الإعدام ـ وكأن يطرد النائب من القائمة (س)، النائب من القائمة (ص)، كما يطرد الأستاذ تلميذا اساء الادب، ام كانت المعارك (عنيفة)، اي تأخذ اسلوب الراشديات والدفرات او التراشق بالأحذية! هذه المعارك اللسانية واليدوية، هي جزء من المشهد البرلماني، يحدث تحت القبة او في الاروقة والكافتريا، اما خارج القبة، وعلى الفضائيات وامام المشاهدين فانظروا الى روح الخطاب المتشنج والعدائي على لسان علي الشلاه وحيدر الملا وظافر العاني وحنان الفتلاوي وبهاء الاعرجي واياد علاوي وعالية نصيف ومها الدوري ومحمود الحسن وفرهاد الاتروشي واحمد المساري ومحما خليل وعباس البياتي وجلال الدين الصغير ولا اكاد استثني ـ لولا مخافة الله من الزلل ـ احدا من اطراف العملية السياسية واعضاء البرلمان ! لكن المهم الان هو البرلمان ومعارك نوابه وتصريحاتهم الضدية فيما بينهم، وكنت اردد مع نفسي دائما ما يردده أولياء امورنا والضالعون في دهاليز السياسة (العراق يلعب لعبة الديمقراطية على افضل وجه) ، غير ان رجلا مثلي يحمل رأس حمار، يؤرقه سؤالان، قد يكونان ساذجين، الاول: لماذا ينتفض اعضاء البرلمان انتفاضة قبيلة واحدة، من النسوان الى الرجال ومن السنة الى الشيعة ومن القوميات الى الأديان، تاركين وراء ظهورهم تاريخا مخجلا من الشتائم وتهم الخيانة العظمى، لو تقدم أي نائب منهم باستقالته احتجاجا على سلوك لم يتوافق مع (مبادئه) صدر عن الحكومة او رئاسة البرلمان او لانه شعر باليأس من العملية السياسية، او لكونه لا يريد ان يكون متفرجا على تراجع البلد او لأسباب شخصية لا يود الافصاح عنها ... القبيلة البرلمانية تستنفر كل ما لديها من حكمة ووسيلة ودهاء وقوة وجهد واقناع كي تقنع النائب وتثنيه عن قراره، ولن يهدأ لها بال الا بعد ان تتكلل توسلاتها ورجاءاتها ومساعيها بالنجاح!! والثاني: متى نتحرر اذن من سلوك القبيلة ونؤمن بثقافة الاستقالة ؟!
|