مؤيد عبد الزهرة
“إن لم يعجبك مكانك، غيره فأنت لست شجرة”، عنوان يخاطبنا ويرسم لنا معالم الحياة التي يمكن ان نكون عليها، وهو يقول بإيجاز لا تتبرم ولا تتأسف ولا يأخذك الضجر ولا تلعن سوء الطالع ولا تندم على ما انت فيه من وضع قد لا يسر وربما لا يحقق ما تصبو اليه، فما أنت فيه من ضيق مادي أو معنوي، او ما تعيشه من منغصات في محيطك ربما كنت السبب فيه كونك بقيت تراوح مكانك ولم تحرك ساكنا وعشت أشبه بالنبتة او الشجرة التي تلازم موقعها ولا تتحرك وهي مع مرور السنين تشيخ وتهرم ولاتطرح الثمر، وهكذا الوقوف في المكان وعدم البحث عن البدائل ذلك ان وجودك في هذا الموقع او ذاك لا يعني بداية العالم او نهايته لان العالم اكبر والحياة أوسع من أن يحجزها حيز جغرافي هنا او هناك كما ان أحلام الإنسان اكبر من ان تجمد أو توضع في قالب واحد وتعتمد نمط واحد ففي ذلك قتل للإبداع والتنوع. إن السكون وإيهام النفس بالحفاظ على المكان برغم مساوئه يعود للذات ومثل هذه الذات سلبية محبطة تعوزها الإرادة وينقصها الإيمان بقدراتها ولهذا فما يصيب الفرد أحيانا من تراجع على هذا المستوى اوذاك إنما مرده أولا وأخيرا لغياب الدافع او الحافز ولهذا نقول ونكرر ان الإيمان بقدراتك هي الطريق الأول لحضور الإرادة وهذه الأخيرة هي المفتاح الذي يفتح كل الأبواب المغلقة أمامك لتنفذ إلى هدفك وتحقق أحلامك فالمهم انك تحركت والاهم انك حاولت والأكثر أهمية انك بدأت تتلمس معالم التغيير من خلال الخروج من شرنقة القناعة الزائفة إلى ملعب الحياة الأرحب والأوسع. وإذا ما طالعت حياة الناجحين الذين أبدعوا وتركوا بصماتهم في ميادين الفن والعلم والصناعة والفلسفة ومختلف العلوم الإنسانية تجدهم من أوائل المؤمنين بالتغيير عن طريق البحث والتجريب والمحاولة تلو الأخرى ومثل هؤلاء كانوا الأنموذج الذي يرى ان الحياة حركة وهي مثل القطار تسحق بعجلاتها من يتخلف وعليه نقول مجددا ان لم يعجبك مكانك غيره فأنت لست شجرة. ففي عالم اليوم، عالم التحدي والمنافسة والمخاطرة، والتغيير المستمر ، علينا زيادة الثقة بأنفسنا، فالثقة هي القوة التي تجعل حياتنا تنمو وتزدهر وبدونها سنشعر بالخوف من الفشل ومن المجهول. والثقة كما يراها الفيلسوف أرسطو (روح البطولة) بينما يعدها روجرفريتس (جيش لايقهر) ويقول عنها شانون ميلر (ان لم تثق بنفسك فمن الذي سيثق بك) وتأكيدا على قيمة الثقة بالنفس والسعي للتغيير يقول نابليون بونابرت “أحب دائما أن يقول الناس لي انك لا تستطيع أن تفعل ذلك لأنهم كلما قالوا لي ذلك افعله بجدارة”.اجل الثقة هي إيمان الإنسان بقدراته وإمكاناته وأهدافه وقراراته أي الإيمان بذاته فهو أولا وأخيرا من يمتلك قرار التغيير بإرادته.
|