مؤيد عبد الزهرة
تقول الروائية الألمانية (هيرتا مولر) إن أداة القتل التي يستخدمها الديكتاتور هي الخوف، وان الخوف كالعنف يوجع الإنسان ويشوهه. وتقول ماري كوري: “إننا نخاف فقط ما نجهله، ولا يوجد ما يخيفنا على الإطلاق بعد ان نفهمه”. ولكن ثمة من يؤمن ان رجلا من دون خوف، رجل من دون أمل، فيما هناك من يقول “عندما لا يكون هناك خوف بداخلك، لا يمكن للأعداء خارجك ان تضرك”. ومع اختلاف الرؤيا بشأن النظرة للخوف كحالة او حتى ظاهرة بل وغريزة موجودة لدى الإنسان والحيوان، يبقى السؤال “لماذا نخاف” هل لان الإنسان عدو ما يجهل حقا؟ أم لان المجهول نتائجه غير مضمونة على عكس القديم المجرب، لان التغيير قد يكون تغييرا للمبادئ، وقلب الأمور ، مما يسبب أذى ماديا او نفسيا يصعب تجاوزه بسهولة. او بسبب بعض العادات القديمة المتخلفة التي علمت البعض الجبن والسكوت عن الحق والتمسك الشديد بالموجود، سواء في الحياة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، فأصبحنا متسمرين في أمكاننا، لا نتقدم خطوة الى الأمام مهما جرى، حتى تأقلمنا واعتدنا الموجود بكل ماله وما عليه؟!، والحقيقة أن الخوف يتمثل بجملة من التفاعلات الفسيولوجية و السيكولوجية التي تنطلق من مصدر السبب في الخوف، فهناك الاحباطات من الأوضاع العامة والوعود الكاذبة في تحسين مستوى المعيشة احياناً، او حضور آلة القمع والتهديدات التي ترتدي اكثر من ثوب للبطش أحيانا آخر، فضلا عن الانغماس في شؤون الحياة والسعي الدائب لتأمين سلة خبز العائلة، تجعل البعض يتردد كثيرا قبل ان يرفع صوته او حتى يطرح رأياً، لدرجة ان الخوف يتلبسه حد الرعب من حديث جانبي في شؤون البلاد والعباد. اجل ان اكبر حاجز يعيق الانسان هو حاجز ”الخوف“ ذلك الحاجز الذي يقبع داخل النفس البشرية ويمثل لمن يعيش داخله جداراً صلباً يصعب كسره!فكم من شخص دمر الخوف حياته وكم من إنسان شل الخوف أركانه، ورغم كل ذلك يظل الكثير عاجزين عن تجاوز ذلك الحاجز،فالمحاولة لديهم تعني مزيد من الألم ومزيد من الخوف! فالإنسان محكوم بالخوف ما دام هائماً في محبة ذاته، لأنه عندها يبقى خائفاً دوماً من كل ما سيحدث، يخاف من المغامرة ويتوجس من الفعل، ويخشى التفكير وتسكنه هواجس الخسارة، وفي النهاية لا يحيق به سوى الخسران أو كما يقال “كل ما أخشاه ألقاه”. والخوف إذا كان من دون سبب سمي مرضا، و إذا كان بسبب فالخوف رد فعل طبيعي يتحرك القلب خلاله وفق نمط معين ،ذلك أن الخوف هو شيء فطري وطبيعي في كل إنسان، فمن الطبيعي أن يخاف الإنسان من الأخطار، بل إن الخوف يعتبر محموداً إذا ما تم استعماله لوقاية النفس من الأخطار الحقيقية والجسيمة فقد قال القرآن الكريم بخوف الإنسان. لكن في المقابل فإنه يجب توجيه صفة الخوف لدى كل إنسان لكي لا تطغى عليه فتصبح شيئاً سلبياً يسهم في تراجع الإنسان وتقف حاجزاً أمام تقدمه وحريته وكرامته.
|